منذ انتهاء لجنة الإدارة والعدل من اجتماعاتها الدورية لمناقشة اقتراحات قوانين قدمها نواب لتعديل القانون الجديد للإيجارات، يتساءل المالكون والمستأجرون عن القانون الذي يحكم العلاقة بينهما في ظلّ اعتبار المالكين وبعض النواب والمشرعين ان القانون الجديد نافذ من جهتهم، في الوقت الذي يرفض الاعتراف به المستأجرون وعدد من النواب ورجال القانون.
لا شكّ في أنّ القانون القديم الاستثنائي للإيجارات 160/92 أصبح في حكم الملغى منذ انتهاء العمل به في 31/3/2012 ودخول القانون الجديد للإيجارات حيّز التطبيق في 28 كانون الأول 2014، وفق رئيس لجنة الادارة والعدل النائب روبير غانم، وبعد ردّ الدعاوى التي تقدّم بها المالكون ضدّ المستأجرين والمطالبة بتطبيق قانون الموجبات والعقود الذي حذّر خبراء القانون من خطورة تطبيقه ولو في فترة الفراغ القانوني السابق لأنّه يهدّد برمي المستأجرين في الشارع. من هنا، فإنّ السؤال يبقى محصورًا في وجوب تطبيق احكام القانون الجديد من دون التعديلات عليه أو مع التعديلات التي اقرّتها لجنة الإدارة والعدل.
من الناحية الدستورية والقانونية، لا تزال التعديلات على القانون الجديد غير نافذة قبل إقرارها في جلسة تشريعية عامّة ونشرها في الجريدة الرسمية. من هنا يطرح السؤال عن وجوب تطبيق القانون بأحكامه حاليًا ما عدا مساعدات الصندوق، وخصوصًا حيال القيمة التأجيرية التي تبلغ نسبة 5% من قيمته الحالية فيما لو كان خاليًا وفق المادة 20 منه وتصبح 4 % في التعديلات، والتي يمكن تحديدها في حالات الخلاف من خلال الاستعانة بالقاضي المدني المنفرد الناظر بقضايا الإيجارات إلى حين تأليف اللجنة الناظرة بهذه الناحية والتي تمّ إبطالها بموجب قرار المجلس الدستوري، وحيال الارتفاع التدريجي في تسديد بدلات الإيجار كما جاء في المادة 15 منه والتي بقيت كما هي عليه في مشروع التعديلات، ولجهة تعويضات الإخلاء التي بقيت بنسبة بدل المثل x 4 في حالات الضرورة العائلية مع تناقص سنوي بنسبة 9 /1 طيلة فترة التمديد وفق أحكام المادة 22، وبنسبة بدل المثل x 6 في حالات الهدم من دون تناقص سنوي في التعديلات، مع خفض قيمة التعويض في المباني الفخمة إلى النصف في الغاء هذه الناحية في التعديلات. وقد صدرت بعض الأحكام القضائيّة التي استند فيها القضاة إلى أحكام القانون الجديد لتحديد نسبة تعويضات الإخلاء في حالتي الضرورة العائلية والهدم. أما مسألة الصندوق فتبقى الإشكالية التي ينتظر حلّها في مشروع قانون التعديلات لأنّ ثمة عددا من المستأجرين من ذوي الدخل المحدود ينتظرون تأليف اللجنة وإنشاء الصندوق للاستفادة من المساعدات وبخاصّة بعد توسيع مروحة المستفيدين من الصندوق إلى حدود 5 أضعاف الحدّ الأدنى للأجور، علماً أنّ وزارة المال أقرّت بقدرتها توفير الاعتمادات اللازمة للصندوق طيلة سنوات التمديد وخصوصًا أنّ المساعدات سوف تؤمن تدريجا. وهذه النقطة تحديدا، تثير مخاوف نقابة المالكين من عدم توفير المساعدات وتحميل المالكين أعباء الحق بالسكن للمستأجرين من الفئة التي تستفيد من الصندوق. وشروط الاستفادة من الصندوق تنصّ عليها المادة 8 من القانون الجديد.
وفي آخر المواقف المتعلّقة بالقانون، طالبت نقابة المالكين باحترام المسار التشريعي الذي سلكه القانون الجديد للإيجارات من لحظة إقراره في مجلس النواب بإجماع الكتل النيابية والأحزاب السياسية، إلى ردّ مراجعة الطعن به أمام المجلس الدستوري، وعدم اللجوء إلى أساليب غير دستورية وغير قانونيّة للتّحريض ضدّ القانون، وبخاصّة أنّ التعديلات التي خرجت بها لجنة الإدارة والعدل جاءت لمصلحة المستأجرين ومدّدت إقامة الفقراء منهم 12 سنة في المأجور على حساب الصندوق.
بدورهم، أعرب المستأجرون عن رفضهم لكل هذه التعديلات التي اعتبروها غير جدية ولن تصل بالقانون الى أي مكان، وانظارهم اليوم متجهة الى مجلس النواب واجتماع الهيئة العامة "ليس لإقرار التعديلات وإنما لسحب القانون وإعادة درسه مجددا للخروج بقانون منصف وعادل وغير تهجيري". واعتبرت أوساط المستأجرين أن النقطة الايجابية الوحيدة لمصلحتهم ضمن التعديلات التي أدخلتها لجنة الادارة والعدل على القانون، هي توضيح المادة 29، المتعلقة بإشغال المأجور بعد وفاة المستأجر من أبنائه أو بناته غير المتزوجين، الامر الذي لم يلاحظه القانون الجديد. وما زال المستأجرون عند موقفهم الرافض للقانون ولتعديلات اللجنة، مطالبين بوضع خطة اسكانية وإنصاف المالكين، لكن ليس على حساب تشريد 180 ألف عائلة، وبناء مساكن لذوي الدخل المحدود. ودعوا مجلس النواب إلى "اتخاذ موقف واضح، يقضي بتعليق تنفيذ القانون التهجيري، الذي يؤسس لفتنة بين المالكين والمستأجرين، بما يؤثر على الاستقرار الاجتماعي والوحدة الوطنية".
وعلى صعيد إقرار التعديلات، يبقى السؤال: هل تتوافق الكتل النيابية على إدراج المشروع ضمن تشريع الضرورة؟ أو يترك المالكون والمستأجرون لتطبيق أحكام القانون استنسابيًّا إلى حين إقرار التعديلات فيتمّ تعديل العقود؟