مشـــروع التغطيـــة الصحيــة الشاملــة
انطلاقا مما ورد في البيان الوزاري عن وجوب «تصحيح النمط الاقتصادي القائم، واعادة الاعتبار الى مداخيل الانتاج مقارنة بمداخيل الريع، وتكريس الوظيفة الاجتماعية للدولة، وتثبيت منظومة الحقوق الاجتماعية للمواطنين، واستحداث صيغ جديدة توفر التغطية الصحية الاساسية للمواطنين جميعا»،
وانطلاقا من التوصية النيابية الصادرة عن لجنة المال والموازنة بتاريخ 2010/8/18، التي احالها دولة رئيس المجلس النيابي الى مجلس الوزراء بتاريخ 2010/9/27، والرامية الى تعميم تغطية استشفاء اللبنانيين كافة «على ان يصار الى تحقيق هذا الامر قبل احالة موازنة العام 2011 الى المجلس النيابي»، وكذلك التوصية النيابية الصادرة بتاريخ 2001/8/30 عن لجنة الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية والقاضية بتوفير الضمان الصحي لجميع المواطنين ،
وانطلاقا من اجماع الكتل السياسية الممثلة في المجلس النيابي، والتي وقّعت على وثيقة صادرة عن المنتدى الاجتماعي الذي نظمه الاتحاد الاوروبي في بيروت في نيسان 2008، وفيها التزام واضح وصريح بالعمل على «اقامة نظام تأمين صحي أساسي موحد وشامل للبنانيين كافة، اضافة الى مقيمين آخرين متى كان ذلك مناسبا، بادارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وبتمويل من الموازنة العامة، بعد الغاء الاشتراكات الالزامية في المؤسسات الصحية الرسمية وادماجها في سياق تصحيح الاجور»،
وانطلاقا من التوصيات التي خلص اليها التقرير الوطني الرابع للتنمية البشرية في لبنان 2008-2009 الصادر عن برنامج الامم المتحدة الانمائي ومجلس الانماء والاعمار تحت عنوان «نحو دولة المواطن»،
وسندا الى مضمون وتوجهات العديد من الوثائق الصادرة عن جهات رسمية وغير رسمية محلية ودولية لا سيما الاستراتيجية الوطنية للتنمية الاجتماعية الصادرة في العام 2010،
وفي ضوء المشكلات التي يعاني منها القطاع الصحي وأنظمة التأمينات العامة وشبه العامة في لبنان، وارتفاع تكاليف الفاتورة الصحية على المواطن،
ومع الاخذ بالاعتبار المشاريع التي بدأت وزارة الصحة بالعمل على تطبيقها عبر مشروع البطاقة الصحية في سبيل تعميم التغطية الاستشفائية لغير المضمونين،
وبناء على ما سبق،
تتقدم وزارة العمل من مجلس الوزراء بمشروع يرمي الى تأمين التغطية الصحية الشاملة لجميع اللبنانيين وتمويلها من الموازنة العامة، طالبة اقراره مبدئيا كي تُتخذ على هذا الاساس الاجراءات التنفيذية اللازمة في مشروع موازنة عام 2012.
الاسباب الموجبة
ان توفير حد أدنى الزامي ومعمّم من الضمان ضد مخاطر المرض والحوادث يشمل جميع اللبنانيين، يجسّد اداة اساسية ومهمة في سبيل استعادة مشروعية الدولة ووظيفتها الاجتماعية تحقيقا للاستقرار والعدالة الاجتماعية.
ان اهم الاسباب الموجبة لهذا التوجه تتمثل في الآتي:
- ان نحو نصف المجتمع اللبناني لا يحظى بتغطية صحية نظامية دائمة مما يضطرهم للجوء الى الخدمات التي توفرها وزارة الصحة و/او ينفقون على هذه الخدمات من حسابهم الخاص، مع تكرر حصول حالات مأساوية لا يجوز القبول بها.
- ان 80 % من الانفاق الخاص على الصحة مصدره ميزانيات الاسر، ما يشكّل عبءا ثقيلا عليها، لا سيما الفئات الفقيرة والفئات ذات الدخل المحدود الرازحة أصلا تحت ضغط الاوضاع المعيشية المتردية. هذا مع العلم ان ضخامة هذه المشكلة مرتبطة بضعف مرونة انفاق الاسر على الصحة.
- ان العلة الاساسية في فرع ضمان المرض والامومة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تكمن في توقف استفادة المضمونين بعد سن التقاعد او في حال البطالة أو التقاعد المبكر، وهي الحالات التي يكونون فيها في ذروة حاجتهم الى التغطية الصحية مما يعرضهم لأشكال شتى من الافقار والهشاشة الاجتماعية.
- ان النظام الصحي الحالي يتسم بوجود فائض في العرض (نسبة الاطباء والاسرّة والتجهيزات والصيدليات الى عدد المقيمين)، ما يساهم في تكريس مستويات مرتفعة للكلفة الصحية ويضغط على الموارد الاقتصادية المتاحة مع تجاوز الفاتورة الصحية الاجمالية للمجتمع اللبناني عتبة 8% من الناتج المحلي القائم (2009)، على الرغم من الجهود التي بذلت في وزارة الصحّة اخيرا.
- ان تمويل الجزء الأكبر من إنفاق فرع ضمان المرض والأمومة – الذي يشكل بحسب الأعراف الدولية جزءا من الانفاق العام – يجري تأمينه في الواقع عبر نظام الاشتراكات المفروض على أصحاب العمل، أساسا، إضافة الى العمال، مع الاشارة الى أن هذه الاشتراكات هي بمثابة إقتطاعات ضريبية على عوامل الانتاج. وتتكثف في الوقت الحاضر الضغوط لزيادة نسبة هذه الاشتراكات من اجل تحقيق التوازن المالي في هذا الفرع، علما ان المؤسسات العاملة تعاني من مصاعب جمّة في ظل الاوضاع الاقتصادية الحالية. وهذا ما يستوجب استحداث سياسات تخفف من الاعباء على عوامل الانتاج وتعزز خلق فرص العمل وطابعه النظامي، وبالتالي فان الغاء هذه الاشتراكات وتمويل التغطية الصحية الشاملة من الموازنة العامة يصب في هذا الاتجاه.
- ان ضعف الطب الوقائي والرعاية الصحية الاولية في لبنان يسهم، ليس فقط في رفع الكلفة الصحية التي يتكبدها المجتمع، بل ينعكس سلبا على المؤشرات الصحية الاساسية، مع العلم ان استدامة تحسّن هذه المؤشّرات هو شرط اساسي من شروط النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي.
ان معالجة هذه الاسباب الموجبة تتطلب الانتقال من نظم التأمينات الصحية الراهنة، المتّسمة بالتشتت والتبعثر وعدم الشمولية وانعدام المساواة، الى نظام وطني عام وموحّد للتأمين الصحي الالزامي يشمل جميع اللبنانيين.
الآليات
يستند تطبيق نظام التأمين الصحي المقترح الى مجموعة من الآليات، وفي مقدمها:
- يغطي النظام جميع اللبنانيين المقيمين، بمعزل عن وضعهم القانوني في العمل.
- يوفّر النظام للمشمولين به مروحة من الخدمات الصحّية داخل المستشفى وخارجه مماثلة لتلك التي يقدّمها فرع ضمان المرض والامومة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
- يتيح النظام للمشمولين به حرية استكمال مروحة خدماته عبر برامج تامين صحي تكميلية، ولا سيما للفئات التي تتمتع حاليا بخدمات صحية اعلى كما ونوعا او بدرجة تغطية اوسع عبر نظم تامين عامّة او شبه عامّة (مثال على ذلك الاسلاك العسكرية والامنية والقضائية وموظفو الدولة). وينطبق هذا أيضا على المستفيدين من بوالص تأمين خاصة إفرادية أو جماعية.
- يغطي النظام 85% من كلفة المعالجة الصحية ويغطي المريض الباقي مع سقف لمشاركته بحسب الخدمة.
- يحل هذا النظام محلّ صندوق ضمان المرض والأمومة ويعهد بإدارته إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالتزامن مع اصلاحه وتمكينه.
- يُصدر النظام لكل مستفيد بطاقة تسمح بالدخول الى ملفه الطبي، وفق حاجة كل من مقدمي الخدمات الصحية، مع احترام موجب صون الخصوصيات والحريات الشخصية. وهذا يسمح من ناحية أولى بتلافي العلاجات التي قد تؤدي الى الاضرار بصحة المريض، ومن ناحية ثانية بضبط التكلفة ورصد تطور بنودها، وبالمتابعة العلمية لأوضاع الصحة العامة في البلاد باشراف وزارة الصحة.
- يتضمن النظام مجموعة من الآليات الاستباقية والاستدراكية لضبط الكلفة والحفاظ على الصحة العامة مع دور مميز للطب الوقائي والرعاية الصحيّة الاولية.
التأثيرات الاقتصادية
بيّنت دراسة للبنك الدولي ان تطبيق نظام التغطيّة الصحيّة الشاملة مع الغاء الاشتراكات وتمويله عبر الضرائب يؤدّي الى نتائج ايجابية على صعيد رفع الطلب على العمالة لدى المؤسسات وانخفاض معدّلات البطالة والهجرة وانخفاض حصّة العمل غير النظامي في الاقتصاد اللبناني (مرفق جدول رقم 1 يبيّن نتائج المحاكاة التي اعدّها البنك الدولي).
التمويل
يمول النظام من الموازنة العامة.
تبلغ الكلفة التقديرية الاجمالية لهذا النظام وفق احدث المعطيات المتوافرة والمبنية على القواعد الاحصائية لصندوق ضمان المرض والامومة نحو الفي مليار ليرة. أما الكلفة الصافية الاضافية– بعد حسم ما تنفقه الدولة راهنا (2009) على القطاع الصحي عبر وزارة الصحة ومساهماتها في أنظمة التأمينات العامة وشبه العامة– فتقدر بنحو 1100 مليار ليرة لبنانية.
تتطلب تغطية هذه الكلفة الاضافية استحداث مطارح ضريبية تطال الارباح غير المرتبطة بعوامل الانتاج، اي الفوائد والارباح الناتجة عن التحسين العقاري وعن المتاجرة بالاسهم، وذلك لتلافي محظورين اساسيين: زيادة كلفة العمل النظامي المأجور لدى المؤسسات عبر الاشتراكات وزيادة كلفة المعيشة عبر الضرائب على الاستهلاك.
وقد أعدت النصوص القانونية لهذا الغرض ووضعت تقديرات لحجم الواردات المرتقبة وهي تفوق الحاجات التمويلية للنظام.
الخطوات الاجرائية
- موافقة مجلس الوزراء المبدئية على مشروع التغطية الصحية الشاملة لجميع اللبنانيين.
- ادراج مستلزمات تطبيقه في مشروع موازنة 2012.
- تشكيل لجنة وزارية لصياغة مشروع تعديل قانون الضمان الاجتماعي وارساله بعد موافقة مجلس الوزراء الى مجلس النواب بشكل مشروع قانون معجل ليجري اقراره بالتزامن مع اقرار مشروع الموازنة.
- تخصيص الجهود في وزارتي العمل والصحة وبمؤازرة المؤسسات الدولية المعنية (منظمة العمل الدولية والبنك الدولي اللذين أبديا تأييدهما للمشروع بحرارة واستعدادهما لتقديم المساعدة الفنية المطلوبة) كي توضع نظم العمل والعقود الضرورية للبدء بتطبيق النظام مع مطلع العام 2012.
وزير العمل شربل نحّاس
بيروت في -13 أيلول 2011
محاكاة اقتصادية لتأثيرات وضع نظام التغطية الصحية الشاملة موضع التنفيذ الذي وضعها البنك الدولي وعرضت في الخلوة المنعقدة في وزارة المالية بتاريخ 25 آب 2011
الجدول 1
|
نتائج المحاكاة التي اعدّها البنك الدولي
|
2015
|
2014
|
2013
|
2012
|
|
0%
|
0%
|
0%
|
0%
|
التبدل في نسبة العجز الى الناتج
|
1.1%
|
1.1%
|
1.1%
|
1.2%
|
التبدل في نسبة العبء الضريبي الى الناتج
|
-4.8%
|
-4.9%
|
-5.2%
|
-5.5%
|
التبدل في الهجرة
|
2.0%
|
2.1%
|
2.3%
|
2.4%
|
التبدل على العمل النظامي المأجور
|
-14.2%
|
-14.3%
|
-14.3%
|
-14.3%
|
التبدل في البطالة
|
-3.1%
|
-3.1%
|
-3.1%
|
-3.2%
|
التبدل في حصة العمل غير النظامي
|
البطالة بحسب فئات الاعمار
|
المهارة المتدنية
|
-15.3%
|
-14.7%
|
-14.2%
|
-13.7%
|
الشباب
|
-3.6%
|
-9.6%
|
-15.0%
|
-19.8%
|
غير الشباب
|
المهارة المتوسطة
|
-18.3%
|
-17.8%
|
-17.2%
|
-16.7%
|
الشباب
|
-20.3%
|
-20.5%
|
-20.7%
|
-21.0%
|
غير الشباب
|
المهارة المرتفعة
|
-10.0%
|
-9.8%
|
-9.7%
|
-9.6%
|
الشباب
|
-12.4%
|
-12.6%
|
-12.8%
|
-13.0%
|
غير الشباب
|