قبول الأفرقاء السياسيين بالاحتكام إلى أرقام وزارة المال وتقديراتها لإيرادات سلسلة الرواتب لتكون مسؤولة أمام المجلس النيابي، هو التقدم الذي أُحرز في اليومين الأخيرين من المفاوضات بين الكتل النيابية الرئيسة. وبذلك تكون الأرقام قد حسمت وحصر الخلاف بالخيارات، وما إذا كانت الضرائب التي ستفرض لتمويل السلسلة ستكون على حساب أصحاب الدخل المحدود أو لا. من هنا، فالسعي لدى المفاوضين هو البحث عن إيرادات بديلة لضرائب الاستهلاك، بحسب مصادر مطلعة.
وبمعزل عن مبدأ عدم فرض الضرائب التي تقسم ظهر المواطنين، تشير التقديرات إلى أنّ الإيرادات التي توفرها زيادة الضريبة على القيمة المضافة 1% على كل السلع والمواد تبلغ 300 مليار ليرة، بينما يؤمن فرض ضريبة بنسبة 15% على بعض السلع الكمالية نحو 140 مليار ليرة. وبالنسبة إلى بند البناء الأخضر المستدام، فقد نال تجاوباً مبدئياً من كتلة المستقبل، وهم يعيدون بحثه مع المديرية العامة للتنظيم المدني، وهو يوفر بالحد الأدنى، بحسب التقديرات نفسها، 200 مليار ليرة. ومع أنّ الإيرادات المتوقعة من الغرامات المفروضة على الأملاك العامة البحرية ليست محسومة بسبب عدم الاتفاق على هذا البند، فإنّ رسوم الإشغال قد توفر 65 مليار ليرة. ويتوقع من زيادة تعرفة الكهرباء على الشطر الذي يفوق 500 كيلو واط أن تجلب 350 مليار ليرة.
الأهم بالنسبة إلى كلفة السلسلة هو نقل النقاش من مرحلة اللاتفاوض إلى مرحلة التفاوض والقبول ببحث الزيادات للمعلمين والعسكريين والمتقاعدين، بصرف النظر عن الاختلافات بين الكتل النيابية في تحديد نسب هذه الزيادات وعن أي سلسلة نتحدث.
أما النائب إبراهيم كنعان، فيواصل اليوم اتصالاته واجتماعاته المكثفة، وأبرز الاتصالات التي أجراها أمس كانت بالنائبين بهية الحريري وجمال الجراح. كذلك فقد عقد لقاءً مطولاً مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد. ما ورد إلى مسامع الموظفين الإداريين لجهة إعداد مخرج للأزمة مبني على إعطاء ست درجات للأساتذة والمعلمين دون سواهم، جعلهم يستنفرون ودفع رابطتهم إلى التحذير من هذا الخيار والتذكير بأهمية أن تشمل أي زيادة كانت درجات أو نسبة مئوية على الراتب كل القطاعات من دون استثناء، ولا سيما الموظفون والأجراء والمتعاقدون والعاملون بالساعة في القطاع العام. أما الأربع درجات ونصف المعطاة للإداريين في مشروع اللجنة النيابية الفرعية الثانية برئاسة النائب جورج عدوان، فهي ـ بحسب الرابطة ـ حق مكتسب سبق للقطاعات الأخرى أن استفادت منها وجاءت مقابل خفض ساعات العمل الإضافية للاداريين.
«كل قطاع له الحق في رفع سقف مطالبه إلى الحد الأقصى، لكن دور الدولة أن تعطي كل صاحب حق حقه وأن لا تغبن فئة على حساب فئة»، هذا ما قالته عضو الهيئة الإدارية للرابطة سلام يونس في اعتصام نفذه الموظفون أمس أمام مبنى وزارة الاتصالات في بئر حسن.
في الشمال، اعتصم موظفو قصر العدل في طرابلس، احتجاجاً على عدم إقرار السلسلة، وتضمين المشروع الأخير زيادة الدوام إلى الخامسة وتقصير العطلة القضائية. وتوقف الموظفون عن العمل من التاسعة صباحاً حتى الحادية عشرة ظهراً، على أن يستمروا على هذه الحال حتى موعد جلسة إقرار السلسلة غداً الخميس.
أما هيئة التنسيق النقابية، فقد قوّمت نتائج اجتماعها مع وزير التربية الياس بو صعب، وخلصت إلى رفض تحميل أصحاب الدخل المحدود أية ضرائب إضافية، محذرة من محاولة تمرير سلسلة تضرب الحقوق، باعتبار أنّ مثل هذه المحاولة تزيد أصحابها توجهاً نحو التصعيد.
وإثر اجتماعها أمس، دعت هيئة التنسيق إلى تعديل النظام الضريبي باتجاه تصاعدي وتحميل المصارف والشركات المالية والشركات العقارية الأعباء الضريبية التي تتناسب وأرباحها الحقيقية، مطالبة بوقف مزاريب الهدر والفساد والإقلاع عن نظريات الاقتصاد الريعي الذي سبّب ويسبّب المآسي للبنانيين ويمنع أي إمكان للتنمية والإنماء المتوازن.
الهيئة حمّلت الكتل النيابية التي تتخلف عن حضور الجلسة النيابية العامة، مسؤولية استمرار الإضراب في القطاع العام ومقاطعة أسس تصحيح وتصحيح الامتحانات الرسمية. وأشارت إلى أنّ إقرار سلسلة مشوّهة وممسوخة سيكون أسوأ من عدم إقرارها.
وبينما أكدت الهيئة أهمية إخراج السلسلة من التجاذبات السياسية، أعلنت روزنامة تحرك جديدة:
ـ عقد مؤتمر صحافي عند الثالثة من بعد ظهر اليوم، في مقر روابط التعليم الرسمي.
ـ مشاركة الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة اعتصامها، العاشرة من صباح اليوم أمام مجلس الخدمة المدنية في فردان.
ـ تسليم النواب مذكرة تؤكد التمسك بالحقوق، عند العاشرة من صباح غد الخميس في مبنى البرلمان.
ـ مواكبة الجلسة النيابية العامة يوم الخميس 19 حزيران بدءاً من الساعة الحادية عشرة والنصف في اجتماع مفتوح في مقر الروابط في الأونيسكو.