بعد نضال طويل وشاق لم يخلُ من القهر والاضطهاد والاعتقال والتعذيب، تمكنت الطبقة العاملة اللبنانية، بقيادة «إتحاد نقابات العمال والمستخدمين في لبنان»، برئاسة المناضل مصطفى العريس ورفاقه من القادة النقابيين المخلصين، من فرض إقرار قانون العمل اللبناني في 23 أيلول 1946، وقد نصت المادة 54 منه على ما يلي: «إلى ان يسن تشريع الضمان الاجتماعي، على رب العمل ان يدفع للأجير المصروف من الخدمة تعويض صرف يعادل أجرة شهر عن كل سنة خدمة الخ...».
استمر النضال من أجل إقرار قانون الضمان الاجتماعي، وقد تعرّضت خلاله الطبقة العاملة اللبنانية وحركتها النقابية كالعادة إلى مختلف أنواع التآمر والضغط من قبل أصحاب الأعمال، وبدعم كامل من قبل السلطات المتعاقبة. في عهد رئيس الجمهورية فؤاد شهاب، وبتاريخ 16 نيسان 1963 أحالت حكومة الرئيس رشيد كرامي على مجلس النواب بموجب المرسوم رقم 12539 مشروع القانون المعجل المتعلق بالضمان الاجتماعي.
وبعد انقضاء أكثر من أربعين يوماً على إحالة هذا المشروع على المجلس النيابي من دون ان يبت به، صدر عن رئيس الجمهورية، وبعد موافقة مجلس الوزراء: المرسوم رقم 13955 بتاريخ 26 أيلول 1963 قانون الضمان الاجتماعي، ووضع موضع التنفيذ على مراحل ابتداء من أول أيار «عيد العمال العالمي» 1965.
وجاء في الباب الرابع من المادة 49: «إلى ان يسن تشريع ضمان الشيخوخة ينشأ صندوق نهاية الخدمة...».
وهذا الانتصار في إقرار الضمان الاجتماعي يعتبر ثاني أهم انتصار بعد تحقيق إقرار قانون العمل اللبناني.
وتكمن أهمية هذا الانتصار، في التطور والتحول الجذري الذي أحدثه قانون الضمان الاجتماعي في المقارنة مع قانون العمل اللبناني، حيث أقام التوازن بين حرية صاحب العمل في صرف العامل، وحرية العامل في الاستقالة ساعة يشاء من دون أن يفقد حقه في تعويض نهاية الخدمة، كما ألغى قانون الضمان الظلم الذي تتضمنه المادة 54 من ق.ع.ل. التي تنص على:
لا يجوز أن يتجاوز تعويض الصرف:
أ ـ راتب عشرة أشهر أي كان عدد سني الخدمة للأجراء الذين يشتغلون لدى أصحاب المهن الحرة والحرف.
ب ـ راتب عشرين شهراً أياً كان عدد سني الخدمة للأجراء الذين يشتغلون في المؤسسات الصناعية والتجارية.
المطلوب من مجلس إدارة الضمان، وبصورة خاصة من ممثلي الحركة النقابية فيه، السهر على تطوير الإدارة وتسهيل التدابير الإدارية، والإسراع في إنجاز معاملات المضمونين، بدلاً من الانتقاص من قيمة التعويضات العائلية، بإلغاء ربط التقديمات العائلية للزوجة وخمسة أولاد بخمس وسبعين بالمئة من الحد الأدنى للأجور.
خمسون سنة مضت على إقرار قانون الضمان الاجتماعي، وما زال المضمونون بانتظار تطبيق جميع الفروع التي نص عليها هذا القانون.
ان التآمر على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ما زال مستمراً منذ ما قبل إقراره وطيلة الخمسين عاماً وما زالت حتى اليوم وفي المستقبل أيضاً من قبل كبار المتمولين وشركات التأمين وبعض ممثلي العمال والهيئات الاقتصادية. والإدارة في سلوكها، تساهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة في هذه المؤامرة.
بالرغم من كل ذلك مطلوب من القيادات النقابية كافة على اختلاف تكتلاتها النقابية وانتماءاتها تجاوز كل التباينات، والخلافات، والاتهامات، والتشكيكات القائمة بينهم، والاتفاق على برنامج مطلبي محدد، يوفر الحد الأدنى للوحدة النقابية، والانفتاح على هيئة التنسيق النقابية والاستفادة من تجربتها النضالية الفريدة في هذه الظروف والتعاون معها، والاتفاق على صيغة للعمل المشترك والعمل بإرادة واحدة من أجل أهداف محددة يمكن اعتمادها برنامجاً مطلبياً موحداً لهذه الفترة.
أولاً: إقرار سلسلة الرتب والرواتب كما حددتها هيئة التنسيق النقابية.
ثانياً: إقرار قانون ضمان الشيخوخة «نظام التقاعد والحماية الاجتماعية».
ثالثاً: توحيد جميع صناديق العناية الطبية والاستشفاء، مع المحافظة على الحقوق المكتسبة لكل فئة.
رابعاً: العمل على إيجاد مشروع قانون حماية العاطلين عن العمل.