مداخلة أديب بو حبيب في اللقاء الذي عقد في فندق الريفييرا في 26-10-2010 بدعوة من الشبكة العربية لمنظمات المجتمع المدني لمناقشة الملاحظات من الهيئات المشاركة في التقرير الذي رفع الى مجلس حقوق الانسان.
قبل البدء بعرض ما قدم من اقتراحات في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، في المراجعة الدورية من قبل ائتلاف منظمات المجتمع المدني الناشطة في لبنان ، سنعرض بعض ما عندنا من ملاحظات على التقرير الرسمي الحكومي:
فقد جاء في التقرير الرسمي للحكومة في الفقرة رقم (10) " افرد الدستور فصلا كاملا لتحديد حقوق اللبنانيين وواجباتهم ... لجهة التمتع بالحقوق المدنية والسياسية .... وحرية الاجتماع وتأليف الجمعيات ... الخ".
وفي الفقرة (12) جاء " هذا وقد نصت مقدمة الدستور صراحة التزام لبنان بمواثيق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان .
كما جاء ايضاً في التقرير تحت عنوان حرية الجمعيات الفقرة (51) ما يلي : "كفل الدستور اللبناني والتشريعات الوضعية والممارسات التطبيقية حرية تأليف الجمعيات للمواطنيين اللبنانيين ... وينص قانون 1909 على عدم اخضاع انشاء الجمعيات لأي ترخيص مسبق بل على الاكتفاء باعلام السلطة الادارية ... وهذا الاعلام يسمى العلم والخبر."
كما جاء ايضاً في الفقرة (54) " كما تقوم وزارة العمل بتعزيز وتطوير العمل النقابي بما يتلاءم مع المعايير الدولية ولا سيما لجهة تشجيع الحوار الاجتماعي وحق التنظيم".
هذا ما ورد في التقرير الرسمي للحكومة والذي اود مقارنته في الواقع مع اقتراحات ائتلاف المنظمات.
اولاً: قد سبق واشار تقرير الائتلاف في الفقرة (32) من التقرير " الى الانتهاك الفاضح للحق في التنظيم والاجتماع وكذلك في الحق في العمل اللائق ، وقد اشرنا الى ما جاء في قانون العمل الصادر في ايلول 1946 في المادة السابعة منه والتي تنص على ما يلي :
يستسنى من احكام هذا القانون :
1- الخدم في بيوت الافراد
2- النقابات الزراعية التي لا علاقة لها بالتجارة والصناعة
وهذه النقابات سيوضع لها تشريع خاص "حتى الان لم يصدر هذا التشريع ...؟؟!!"
4- الادارات الحكومية والهيئات البلدية فيما يتعلق بالمستخدمين والاجراء المياومين والمؤقتين الذين لا يشملهم نظام الموظفين وسيوضع لهم تشريع خاص "حتى الان لم يصدر هذا التشريع ؟؟!!" .
ماذ يعني ذلك؟
هذا يعني في الفقرة 1-2-4 حرمان هذه الفئات من كل ما يتضمنه قانون العمل ، ان لجهة ساعات العمل – الاجر – الاجازات السنوية والمرضية .. الخ وطبعاً حرمانهم من حقهم في التنظيم النقابي؟ !
ثانياً : جاء في الفقرة (35) من تقرير الائتلاف حول التمييز بالنسبة للحد الادنى للأجور للعمال ما دون العشرين سنة مكتملة.
صدر قانون رقم 36/76 بتاريخ 16 ايار 1967 لتعيين الحد الادنى للأجور ومعدل غلاء المعيشة ، جاء في مادته الاولى ما يلي:
"اعتباراً من اول كانون الثاني 1967 يرفع الحد الادنى للأجور ...... ويطبق على جميع الاجراء ذكوراً واناثاً الذين لهم من العمر 20 سنة مكتملة ... الخ"
واضح من هذا النص الذي يعمل به منذ 67 حتى الان بأنه قد حرم جميع العاملين ما دون العشرين سنة مكتملة من حقهم في الحد الادنى للأجور مما افسح ويفسح المجال امام اصحاب العمل استخدام العمال بشكل واسع وحرمانهم من الحد الادنى للأجور.
ورد في تقرير الحكومة في الفقرة (63) "تعهدت الحكومة ببيانها الوزاري عام 2009 بالسعي الى ضمان استفادة اللبنانيين جميعاً من منافع النمو الاقتصادي ..... وانشأت المكتب الوطني للاستخدام لتوفير فرص العمل ومكافحة البطالة".
ان ما ورد في التقرير شئ جميل كيف ستعالج الحكومة قضية الدين العام الذي بلغ بحدود 54 مليار دولار وجميع الخبراء الاقتصاديين يؤكدون بأن اكثرية هذا الدين يعود الى الهدر العام في اموال الدولة ، اضافة الى الفوائد العالية التي ترتبت على هذا الدين ، وبأن كل مواطن لبناني يقع على عاتقه مبلغ يزيد عن اربعة عشر الف دولا من هذا الدين؟!
اما بالنسبة للمؤسسة الوطنية للاستخدام التي انشأت بتاريخ 27/6/1977 ليس لها اية فعالية حيث حرمت منذ وجودها من اية امكانيات مالية لانشاء مراكز لها في كافة المناطق اللبنانية وتأمين الجهاز البشري لتمكينها من القيام بمهامها ، الا انه بدلاً من تعزيز دورها كمؤسسة محصور فيها وحدها حسب قانون انشاءها دراسة سوق العمل اللبناني ، ويعود لها وحدها الحق بالسماح لدخول العمالة الوافدة الى العمل في لبنان ، بل على العكس تم انشاء مكاتب خاصة للاستخدام واستبدال الترخيص لها تحت اسم ملتوي اي "مكاتب استقدام" ويعتبر ذلك التفاقاً على قانون انشاءها وحرمانها من حصريتها في قضية العمالة وخاصة غير اللبنانية ، ونحن نعلم كم يعاني العمال غير اللبنانيين بمن فيهم الفلسطينين من غبن وتمييز ، اكان لجهة الاجور او ساعات العمل الطويلة ، وحرمانهم من تطبيق قانون العمل وهذا ليس فقط بالنسبة لخادمات المنازل بل ايضاً بالنسبة للعاملين في القطاعات الزراعية او محطات المحروقات او حتى المؤسسات الصناعية ، وهم محرومون ايضاً من اية ضمانات اجتماعية وهذا يتعارض كلياً مع احترام شرعة حقوق الانسان.
وقد جاء في تقرير الحكومة في الفقرة (67) " اقر مجلس النواب عدداً كبيراً من اتفاقيات العمل الدولية بلغ (51) من ضمنها سبع اتفاقيات اساسية من اصل ثمانية ...الخ".
ان الاتفاقية الثامنة التي لم يصدق عليها لبنان هي الاتفاقية (87) المتعلقة بالحريات النقابية.
وقد جاء في تقرير الائتلاف في الفقرة (34) "وسنداً للمادتين 86 و 87 من قانون العمل اللبناني يخضع انشاء النقابات والاتحادات الى الترخيص المسبق من قبل وزارة العمل ، كما يعطي الحق للحكومة في حل النقابات سنداً للمادة 105 من قانون العمل ".
وانا اضيف بأن المرسوم رقم 7993 الصادر سنة 1952 قد اعطى ايضاً الصلاحية الكاملة لوزارة العمل للتدخل في الشؤون الداخلية للنقابات منذ تأسيسها ووضع انظمتها الداخلية وتسيير اعمالها والاشراف على الانتخابات والتصديق عليها ... الخ.
ان هذه النصوص الواردة في قانون العمل تتعارض كلياً مع مضمون الاتفاقية الدولية رقم (87) والاتفاقية العربية رقم (1) التي صدق عليها لبنان وتتعارض مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، وتتناقض مع حرية تأسيس الجمعيات التي أشير اليها في الفقرة (10) من تقرير الحكومة.
وقد جاء في تقرير الائتلاف في الفقرة (36) "لا يوفر قانون حوادث العمل تعويضاً فعالاً في حالات حوادث العمل ...الخ. "
ان ما اريد ان الفت النظر اليه هو ان قانون الضمان الاجتماعي الصادر سنة 1963 قد لحظ في الباب الثاني "فرع طواري العمل والامراض المهنية في المواد (28 الى 32)"
الا انه منذ 47 عام لم يطبق هذا الفرع من الضمان الاجتماعي ولا يزال يعمل بالمرسوم الاشتراعي رقم 136 الصادر في ايلول سنة 1983 لا يعطي العامل لا هو لا عائلته نتيجة اصابته بطارئ عمل بأية ضمانات ملائمة لحالته ومثالاً على ذلك:
"جاء في المادة السادسة من قانون طوارئ العمل "اذا ادى الحادث الى وفاة الاجير وكان اجره لا يتعدى الحد الادنى الرسمي للأجور يستحق لورثته المحددين في القانون تعويضاً حده الاقصى اجرة "500 يوم" .
ماذا يعنى ذلك ؟ ان العامل الذي اجره الحد الادنى للأجور المعمول به حالياً اي خمسمائة الف ليرة يكون اجره اليومي 500,000 ÷26 يوم = 19,250 ×500 يوم = 9,725,000 تسعة ملايين وسبعمائة وخمسة وعشرون الف ليرة لبنانية.
ان ما تكلمت عنه في هذه المداخلة حدد بعض النقاط التي تتعارض مع الاتفاقية الدولية وشرعة حقوق الانسان ، اما الان سأورد لكم بعض ما يعمل به لتعديل قانون العمل اللبناني ضمن المشروع الذي سبق لوزير العمل وارسله الى مجلس الوزراء في بداية سنة 2010 .
سنة 2001 – 2002 شكلت وزارة العمل لجنة ثلاثية التمثيل لتعديل قانون العمل اللبناني من العمال واصحاب العمل والدولة وقد عملت هذه اللجنة لمدة سنة تقريباً وخرجت بتعديلات كاملة على قانون العمل ، ولا بد من الاشارة الى ان ممثلي العمال كان لهم اعتراضات عديدة على الاستثناءات ، الحريات النقابية والترخيص المسبق والصرف من الخدمة .. الخ.
ولكن مع الاسف ان المشروع الذي ارسلته وزارة العمل الى الحكومة جاء فيه اكثر من تعديل يتعارض مع الحريات النقابية ، حيث حزف من تعديل اللجنة الحق لموظفي الدولة بانشاء نقابات لهم ، وقد جاء في مشروع اللجنة في المادة (5) الفقرة (4) مايلي :
" يستثنى اجراء الدولة والبلديات الدائمون او المؤقتون او المتعاقدون الذين يخضعون للقوانين الخاصة بهم. وفي جميع الاحوال لا يستثى هؤلاء من حقهم بالتنظيم النقابي المنصوص عنه في هذا القانون. "
كما ان مشروع وزارة العمل قد حذف من المادة (130) "تصنف النقابات الى سبع فئات كبيرة".
سابعا: "نقابات الموظفين في الادارات العامة باستثناء القوات العسكرية والامنية والقضاة)
كما حذف من الفقرة الثالثة من المادة (131) والتي تنص "يحق للفئات التالية تأسيس نقابات ..الخ "
الفقرة الثالثة "موظفو الادارات العامة باستثناء القوى العسكرية والامنية والقضاة".
كما اضاف مشروع الوزارة الى المادة (135) ترخص النقابة بقرار يصدر عن وزير العمل "هذه الجملة رفضت من قبل العمال مع اصرارهم على حرية التنظيم". اضافة اليها وزارة العمل ما يلي:
"بعد استطلاع رأي وزارة الداخلية".
واضح من الامثلة التي تقدمنا بها ، بأن السلطات السياسية لا تزال متمسكة بمواقفها والتي تتعارض كلياً مع الدستور اللبناني وشرعة حقوق الانسان والاتفاقيات الدولية و العربية ، وقد جاء في الاتفاقية الدولية رقم (87) في البند الثاني ما يلي:
"للعمال واصحاب الاعمال دون تمييز على الاطلاق الحق في تكوين المنظمات التي يختارونها وكذلك الحق في الانضمام الى منظمات دون اذن مسبق ولا يتقيدون الا بلوائح هذه المنظمات."
الفقرة (3) تمتنع السطات العامة عن اي تدخل من شأنه ان يقيد هذا الحق او يعوق ممارسته المشروعة".
الفقرة (4) "لا يجوز للسلطة الادارية حل منظمات العمال ومنظمات اصحاب الاعمال او وقف نشاطها".
كما جاء في الاعلان العالمي لحقوق الانسان ما يلي:
المادة الثالثة والعشرون فقرة (1)
"لكل شخص الحق في العمل ، وله حرية اختياره بشروط عادلة مرضية كما له حق الحماية من البطالة" .
وجاء في الفقرة (4)
" لكل شخص الحق ان ينشئ وينضم الى نقابات حماية لمصلحته"
لا بد من الاشارة هنا وعلى الرغم من مرور 47 عاماً على وجود الضمان الاجتماعي (وقد غاب من نصوصه صندوق البطالة) المفروض ان يكون من صلب قانون الضمان ، علماً بأن عدد العاطلين عن العمل حسب بعض الاحصاءات يصل الى اكثر من 20% من اليد العاملة وخاصة بين الشباب.
وقد جاء في الاتفاقية العربية رقم 1 والتي صدق عليها لبنان ، بموجب القانون رقم 183 تاريخ 24 آيار 2000 ونشر في الجريدة الرسمية العدد 25 تاريخ 8/6/2000 المادة (77) "تقتصر اجراءات تكوين النقابة على ايداع اوراق تكوينها لدى السلطة المختصة ولا يجوز لهذه السلطة الاعتراض على اجراءات تكوين النقابة الا في حدود القانون".
المادة (45) "يحدد تشريع كل دولة ساعات العمل بحيث لا تزيد عن ثماني ساعات يومياً او 48 ساعة اسبوعياً."
المادة (48) "يجوز تشغيل العمال ساعات اضافية او اثناء الراحة الاسبوعية في الحالات الاستثنئاية على ان لا تتجاوز ساعات العمل اليومي في مجموعها عن عشر ساعات في اليوم او 60 ساعة في الاسبوع ".
وكما اشرت لا يحترم من قبل اصحاب الاعمال كل ما جاء في هذه الاتفاقية ولا تقوم وزارة العمل بالمراقبة وملاحقة المخالفين اكان لجهة ساعات العمل او الاجور اوغيرها فمن هنا اورد الائتلاف نص في الفقرة (38)
"انشاء وحدة تفتيش خاصة بالعمل تتمتع بتمويل وتدريب جيدين تعمل على 1- مراقبة ظروف العمل 2- ضمان تنفيذ القوانين المرعية التي تلزم اصحاب العمل باعتماد اجور متسارية ...الخ..."
هذه باختصار بعض الملاحظات التي اردنا التحدث عنها.
النقابي أديب بو حبيب
25/10/2010