مارست نقابة المعلمين دوراً رئيسياً في هيئة التنسيق النقابية، واثبتت انها مكون رئيسي من مكوناتها الفاعلة، وهي الوحيدة التي لديها صفة نقابة، فيما المكونات الأخرى هي رابطات المعلمين في الاساسي والثانوي والمهني والموظفين، وبذلك شكلت غطاء مهماً من القطاع الخاص، رغم الضغوط التي تعرضت لها خلال الإضراب المفتوح، ما أدى الى تعليق مشاركتها، وهو قرار انتقدها عليه كثر، لكن الضغوط ووقائعها بعد اسبوعين على المشاركة، والمصلحة العامة كانت كلها أكبر من القدرة على الاستمرار بالإضراب.
وبينما تتحضر النقابة لاستحقاقها الانتخابي الديموقراطي الداخلي، ها هي اليوم تقوم بجردة حساب، لا بد أن تأخذ في الاعتبار ما حققته خلال الأعوام الماضية، من مكاسب وانجازات، وهو أمر دفع بالمعلمين في انتخابات 2009 الى الإقبال الكثيف على المشاركة في الانتخابات، ليس لتحصينها فحسب، والتنافس كان على أشده بين لوائح مختلفة، انما للسير قدماً في تعزيز دور النقابة التعليمية الخاصة التي هي خارج الاتحاد العمالي العام، وتتصل عضوياً برابطات المعلمين، انطلاقاً من وحدة التشريع التربوي. أما انتخابات هذه السنة، فيجب ان تنطلق من انجاز المحافظة على وحدة هيئة التنسيق النقابية، والقدرة على مواكبة حركتها من خارج الاصطفافات، ثم السير في اضراب لمدة 15 يوماً كانت مليئة بالضغوط، والحفاظ على علاقة جيدة مع المؤسسات التربوية الخاصة، والأهم من كل ذلك وحدة النقابة التي بانت بوضوح خلال التحرك، فالتزمت غالبية المعلمين قرار الاضراب، وعادت الى التدريس فور تعليقه.
ولا شك في ان لموقع نقابة المعلمين حيثية خاصة، وفي قيادة النقيب الحالي نعمة محفوض تأكيد للحيثية التي تتحرك وفق الظروف، لكنها تثبت دور النقابة الديموقراطي في الإطار العام، فنجحت في جمع المعلمين في الاضراب المفتوح، كما في تعليقه عندما وصلت الامور الى نقطة لم يعد في الامكان الاستمرار، وليس منصفاً القول ان النقابة تركت أمر تحقيق مطالبها للقطاع الرسمي من معلمين وموظفين، اذا اعتبرنا أن الأزمة تعني الجميع من دون استثناء.
ولعل الحديث عن بنية النقابة يحتاج الى التدقيق في واقع التوسع الذي شهدته المدارس الخاصة منذ الثمانينات من القرن الماضي. فإذا اعتبرنا ان الغالب قبل الحرب كانت المدارس الكاثوليكية والأرثوذكسية والارساليات والمدارس الأجنبية، فإن صعود الطوائف الأخرى، وإنشاء مدارسها الخاصة، خصوصاً لدى السنة والشيعة، قد غيّرا من بنية النقابة، ولذا فإن اسقاط تجارب سابقة على حركة المعلمين في المدارس الخاصة ومقارنتها باليوم، فيه ظلم كبير، اذا ما كان البعض لاحظ ان أساتذة مدارس لطوائف معينة لم يشاركوا بفاعلية في الاضراب الأخير، وهو أمر لا شك في أنه أثر على التحرك.
يبقى أن استحقاق نقابة المعلمين ديموقراطي بامتياز، وعلى المعلمين الحفاظ على موقعها التاريخي.