ينقل المقرّبون عن سيّد بكركي إستياءه الكبير من كل ما يجري في البلد، من إنقسامات وخلافات حول اي ملف، بالترامن مع غياب الرئيس، وإمتداد الفراغات من الموقع الاول الى مناصب مسيحية هامة، وآخر هذه الخلافات ما يدور في كواليس وخبايا معركة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، وما يتبعها يومياً من "طلعات ونزلات"، فتارة يتم التوافق على التمديد له، ليعود هذا التوافق وينقلب "بسحر ساحر" ليعود الملف الى المربع الاول، بسبب بعض المتردّدين والرافضين التجديد له، بسبب مصالحهم الخاصة.
وفي هذا الاطار، نُقل عن البطريرك الماروني بشارة الراعي يوم السبت الماضي وبالفم الملآن، إطلاقه رسالة الى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، بأنّ عظة يوم الاحد اي يوم امس، ستكون نارية لناحية رفض تعيين قائد للجيش بغياب رئيس الجمهورية، وهكذا كان، فقد أطلق الراعي صرخة مدوية دخلت ضمنها السياسة بين الهواجس والمخاوف، من حصول ما لا تُحمد عقباه بالتزامن مع الاستحقاقات المصيرية، واولها عدم تعيين قائد جديد للجيش والتشديد على إنتخاب رئيس للجمهورية، والسعي للتمديد للجنرال جوزف عون منعاً للفراغ الثالث، لانّ المسيحيين لم يعد بإستطاعتهم تلقي الخسائر، خصوصاً انه سمع أخباراً لا تطمئن كما ينقل المقرّبون، مفادها انّ انتخاب الرئيس ما زال بعيداً جداً، الامر الذي أوجد الهواجس لديه، لذا إتخذ القرار بأنّ بكركي لن تسكت بعد اليوم، وستعمل بهدف الانقاذ عبر جهوده الداخلية والخارجية، وقيامه بطرح مشاكل لبنان على عواصم القرار كما يفعل كل فترة، طالباً مساعدة الدول الشقيقة والصديقة، من دون ان يترك أي جهة قادرة على المساعدة في انتشال لبنان من غرقه.
الى ذلك، برزت عظة البطريرك الراعي يوم امس، مع إطلاقه لوماً وعتباً الى المعطلين في انتخاب الرئيس لانهم يخلقون الازمات والعقد الجانبية، وتناول ملف قيادة الجيش والتشديد انه لا يجوز الاعتداد بما جرى في مؤسسات أخرى تجنبّاً للفراغ فيها، واعطى فسحة كبيرة من هذه المسألة ضمن العظة، اذ كانت بمثابة نداء أخير لانّ كيل بكركي طفح، بحسب ما اشارت مصادر سياسية مقرّبة من الصرح البطريركي، ورأت أنها موجهّة الى الجميع وبالصوت العالي، وقالت المصادر:" ليست المرة الاولى التي يدعو فيها الراعي الى انتخاب رئيس حتى تنتظم المؤسسات، والى تأييد بكركي للتمديد لقائد الجيش، لكن في الامس أفهم كل الافرقاء بأنّ بكركي إتخذت القرار، ولن تسمح بفراغ آخر"، وسألت المصادر:" ما الذي سيجعل من اعادة هاتين المسلمتين على مسامع الطبقة السياسية، بمنزلة اقوى واشد واكثر حدّة من السابق، بما يوحي ان لا خطوات تراجعية من بكركي ازاء قائد الجيش، او ازاء تمكين الرئيس الذي سينتخب من تعيين قائد الجيش الذي يريده، مع سؤال مدى سماع مجلس النواب هذه كل هذه المناشدات؟.
في السياق، نقلت المصادر المذكورة استشعار الراعي الخوف على لبنان واللبنانييّن جميعاً، من دون أي تفرقة طائفية، معربة عن املها في أن يعي المسؤولون خطورة الاوضاع والانزلاقات التي تسود البلد وشعبه يومياً، وشددّت المصادر على ضرورة تضامن كل المسؤولين وتناسي وخلافاتهم لان لبنان يحتضر، مؤكدة أنّ بكركي باقية على وعودها وجهودها عبر الفعل لا القول، والبطريرك الراعي مستمر في مناشدته كبار المسؤولين الدولييّن لمساعدة لبنان، وعلى الجميع التعاون من اجل إسترجاع الوطن لانه يتهاوى يوماً بعد يوم، فالجمهورية في خطر كبير على كل المستويات، إزاء ما يحصل في البلد من جوع وويلات وفقر وانتحار يومي وبطالة وهجرة شبابية، مشددةً على ضرورة ان تكون صرخة الراعي هذه المرة نداءَ اخيراً لمواجهة كل ما يهدّد الكيان اللبناني، الذي يمّر في أسوأ مراحله اذ لم نشهد مثيلاً له حتى خلال الحرب اللبنانية.
واملت المصادر عينها ضرورة العمل منذ اليوم على تقوية القرار المسيحي، والوقوف الى جانب بكركي في وساطتها لإنقاذ لبنان، وفتح كل الدروب المقفلة بدءاً من وساطات مسيحية واسلامية مشتركة للوصول الى حلول، واشارت المصادر الى انّ الراعي يلقى تشجيعاً من المجتمع الدولي ، فيما يهاجمه البعض لانه يتدخل في السياسة، على الرغم من ان هدفه معروف وهو انتشال لبنان من هذا الجحيم.