لا يهمّ كيف اخترق د. حسن اسماعيل الحظر على الموظف في القطاع العام من الانتساب إلى نقابة. المهم أنّه بوصوله إلى رئاسة الاتحاد العالمي لنقابات المعلمين، يفتح معركة إسقاط المادة 15 من المرسوم الاشتراعي 112/1959 (قانون الموظفين) التي تمنع الموظف من الانضمام إلى المنظمات والنقابات المهنية. المعركة لن تبدأ من الصفر، فبعض القوانين والبنود المجحفة بحق موظفي الدولة ماتت بفعل نضالاتهم. أي أنّ المواد التي تحظر الإضراب والتظاهر وتنظيم العرائض الجماعية سقطت بعامل الزمن. دليل ذلك أن أركان الدولة يجتمعون بهيئة تنسيق نقابية تضم روابط لا يعترف بها القانون. إسماعيل على الأقلّ أكد، في مؤتمر صحافي عقده أمس، في مقر الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين لمناسبة اختياره رئيساً، أنّه «سيكون المسمار الأول في نعش هذه المادة، وستكون أولى مهماته حق التنظيم النقابي للموظفين بلا شروط». سيشارك في إعادة الاعتبار للعمل النقابي «بعدما أصيب بالعقم بفعل السياسات العامة للدولة التي حولت الاتحادات النقابية، ولا سيما الاتحاد العمالي العام من هيئة نقابية تقود نضال العمال، إلى أداة طيّعة بيد السلطة».
في كل الأحوال، فالمادة 15 انتهاك صريح للاتفاقية الدولية الخاصة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي الرقم 87. كذلك تخالف ما أقرّته لجنة الحريات النقابية في منظمة العمل الدولية «عمّال القطاع العام شأنهم شأن عمّال القطاع الخاص يتمتعون، من دون أي تمييز أو ترخيص مسبق، بحق تكوين منظمات والانضمام إلى أخرى يختارونها بأنفسهم لتعزيز مصالحهم المهنية والدفاع عنها». جاء ذلك بعد شكوى قدمها الاتحاد الوطني للمنظمة، بحسب رئيسه كاسترو عبد الله بهدف تكريس حق كل القوى النقابية في تنظيم نفسها، سواء في التعليم أو في أي إدارة أو مؤسسة، مقابل مصادرة قيادات نقابية نصّبت نفسها زوراً لتمثيل العمال. كذلك أطلق الاتحاد، كما قال عبد الله، ورشة عمل للتنسيق مع كل القوى النقابية الحقيقية.
يأتي المؤتمر الصحافي في وقت تتزاحم فيه 3 مشاريع قوانين تتناول حق التنظيم النقابي. الأول مقدّم من الحكومة (مشروع وزير العمل سليم جريصاتي)، والثاني من النائب سامي الجميل، والثالث من النائب أكرم شهيب. الحكومة اللبنانية وقّعت على الاتفاقية الدولية، لكنّها تحفّظت على المادة 2 التي تعطي هذا الحق، وأعطت لنفسها حق الترخيص لإنشاء نقابات، ما يضع روابط المعلمين والأساتذة، بحسب المتابعين لهذا الملف، أمام تحدي المواجهة والإعلان عن نفسها كنقابات، وبالتالي قطع الطريق على أي تقويض. تكون لتلك الخطوة قيمة معنوية نقابية نضالية أكثر منها قانونية، وتضغط باتجاه توقيع الاتفاقية من دون أي تحفّظ.
هكذا باتت الحاجة ملحة إلى تشريع جديد للموظف. صحيح أنّ اتفاق الطائف سمح للموظف بأن ينتسب إلى الأحزاب، لكن القانون 144 بتاريخ 6/5/1992 اشترط عليه أن يتخلى عن مسؤولياته الحزبية. هذه المسألة ماتت قبل الولادة أيضاً، يقول اسماعيل. الدليل وجود مكاتب تربوية في كل أحزاب لبنان، وتبوّء حزبيين مسؤوليات رفيعة في أحزابهم، كأن يعيّن عضو هيئة قيادية حزبية موظفاً في الفئة الأولى، من دون أن يتخلى عن مسؤوليته الحزبية أو ينتخب أستاذ جامعي أميناً عاماً لحزب، أو ينتخب أستاذ آخر رئيساً لحزب ثم يرقّى إلى رتبة وزير».