نحن الموقعون أدناه ندعو الدول كافة لكي تصبح أطرافاً في البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وبالنسبة للجماعات والأفراد الذين يزعمون تعرض حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للانتهاك، والذين استنفذوا كافة الخيارات الناجزة للحصول على التعويض أو الوصول إلى سبل الانتصاف داخل بلدانهم، أو الذين يعانون من غياب مثل وسائل الانتصاف تلك في دولهم، يتيح البروتوكول الاختياري لهم إمكانية قيام لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالنظر في قضاياهم.
ونرى بأن دخول البروتوكول الاختياري حيز التنفيذ مع توقيع عاشر دولة عليه سوف يشكّل خطوة جوهرية وهامة على طريق تحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية والحماية لحقوق الإنسان ومراعاتها بشكل عام. وينبغي أن يكون هذا الهدف اليوم كامنٌ في صميم أولويات كافة الدول وسياساتها على المستوييْن الوطني والدولي.
وخلال السنتيْن اللتين تلتا فتح باب التوقيع على البروتوكول الاختياري والمصادقة عليه أو الانضمام إليه في 24 سبتمبر/ أيلول من عام 2009، قامت 39 دولة بالتوقيع على البروتوكول بينما قامت خمس دول فقط بالمصادقة عليه. وتؤكد مصادقة تلك الدول الخمس على أن الدول من مختلف مناطق العالم تلتزم – على اختلاف أنظمتها القضائية – بتوفير مستويات من الحماية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تُضاهي تلك الممنوحة لنظيراتها من أشكال حقوق الإنسان الأخرى. كما ونرحب بحرارة بهذه الخطوات التي قامت بها عدد من الدول من مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الخطوات المماثلة لها، بغية المضي قُدُماً في الاجراءات التي تهدف على الصعيد الوطني إلى التحضير للانضمام إلى البروتوكول الاختياري.
وقد تعهدت 160 دولة بضمان توفير الحقوق المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وألزمت نفسها في أطار من النوايا الحسنة، بمحاولة توظيف مواردها المتاحة في خدمة تلك الحقوق إلى أبعد حد ممكن، والتزمت باتخاذ التدابير الضرورية في سبيل إحقاق تاك الحقوق وإنجازها. ونود أن نؤكد بشدة على أن الحق في الحصول على تعويض أو اللجوء إلى آليات الانتصاف يتطلب حسب القانون الإنساني الدولي ومبدأ سيادة القانون ضمان حصول كافة ضحايا الانتهاكات الحقوقية على فرص تتيح لهم اللجوء إلى وسائل الانتصاف والاستفادة منها. ويستدعي الإحقاق الكامل للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية توافر الإرادة السياسية لضمان موائمة القوانين والممارسات الوطنية أو المحلية مع القانون الإنساني الدولي والمعايير المعاتمدة دوليا في هذا الإطار.
وفي سبيل ضمان إحقاق العدالة للجميع، فإننا نحث كافة الدول على أن تصبح طرفاً في البروتوكول الاختياري بأسرع وقت ممكن. كما ونناشد الدول أن تضمن، لدى انضمامها للبروتوكول، أكبر قدر ممكن من الحماية، وذلك عبر قيامها بالقبول بالتحقيقات والاجراءات المشتركة بين الدول بموجب أحكام البروتوكول الاختياري. وأخيراً، فإننا نحث الدول التي لمّا تصبح طرفاً بعد في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بأن تبادر إلى المصادقة على هذا الصك الدولي أو الانضمام إليه إلى جانب المصادقة على بروتوكوله الاختياري والانضمام إليه أيضاً.
ومتى ما أصبحت الدول أطرافاً في البروتوكول الاختياري، فبوسعها آنذاك أن ترسل بإشارات للعالم أجمع بأن الحصول على فرص العدالة وتحقيقها ينطويان على أهمية جوهرية حيوية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويمكن لتلك الدول حينها أن تترجم إلى واقع ملموس ما تعهدت به 170 دولة خلال المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان الذي عُقد في العاصمة النمساوية فيينا، حيث أعلنت الدول المشاركة بأن "جميع حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتشابكة. ويتعين على المجتمع الدولي أن يعامل حقوق الإنسان على الصعيد العالمي بطريقة منصفة تنطوي على المساواة القائمة على أسس متساوية وبنفس الدرجة من التوكيد."
ونود أن نؤكد مرة أخرى على إمكانية اللجوء إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كأساس للتقاضي، ونستذكر في هذا المقام التجارب القضائية المرتبطة بهذه الفئة من حقوق الإنسان في مختلف مناطق العالم وأنظمتها القضائية المختلفة.
وبوصفنا مجموعة مكونة من الخبراء الأكاديميين في القانون، وممارسين للمهن القانونية، ومحامين حقوقيين، وخبراء من الأمم المتحدة، فإننا نود التأكيد على أن السماح برفع قضايا تتعلق بانتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أمام منابر العدالة الدولية قد تأخر كثيراً، وما كان ينبغي لذلك التأخير أن يحدث. وعقب مرور 45 عاماً على تبنّي العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، يتعين على الدول المختلفة أن تنتهز الفرصة السانحة الآن، وأن تجسر الهوة غير المبررة في مجال حماية حقوق الإنسان، وأن تعمل بالتالي على دخول البروتوكول الاختياري حيز التنفيذ.
الموقعون
- مارتن شاينن (أستاذ القانون الدولي العام في معهد الجامعة الأوروبية، والعضو الأسبق في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة)
- دانكن ويلسون (عضو مفوضية حقوق الإنسان في اسكتلندا)
- فيليب تيكسييه (عضو لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقاضٍ سابق في محكمة التمييز الفرنسية)
- سيس فلينترمان (عضو لجنة حقوق الإنسان)
- ماغدالينا سيبولبيدا (المقرر الخاص المعني بمسائل الفقر المدقع وحقوق الإنسان)
- فيرجينيا داندان (خبيرة مستقلة في مجال حقوق الإنسان والتضامن الدولي)
- كاتارينا دي ألبوكيركي (المقرر الخاص المعني بحق الحصول على خدمات مياه شرب آمنة، والصرف الصحي/ الإصحاح البيئي)
- أوليفر دو شوتر (مقرر الأمم المتحدة المعني بحق الحصول على الطعام والغذاء)
- أريئيل دوليتزكي (جامعة تكساس، وعضو مجموعة العمل الأممية المعنية بحالات الاختفاء القسري وغير الطوعي)
- أناند غروفر (مقرر الأمم المتحدة المعني بحق الحصول على الرعاية الصحية)
- رودولفو أرانخو (مساعد قاضي في المحكمة الدستورية في كولومبيا، وأستاذ مشارك في قسم الفلسفة في جامعة الأنديز في بوغوتا)
- فلافيا بيوفيسان (أستاذة القانون في الجامعة الكاثوليكية في إسبانيا، وعضو مجموعة العمل التابعة لمنظمة الدول الأمريكية المعنية ببروتوكول سان سلفادور، وعضو سابق في فريق العمل رفيع المستوى التابع للأمم المتحدة، والمعني بتنفيذ الحق في التنمية)
- جيريمي ساركين (أستاذ في القانون)
- جيف بدلندر (محامي من كيب تاون في جنوب أفريقيا)
- ساندرا ليبينبرغ (أستاذ في القانون، ورئيس كرسي إتش إف أوبنهايمر في قانون حقوق الإنسان، بكلية القانون بجامعة شتيلينبوش)
- د. بينيام داوييت ميزمور (النائب الثاني لرئيس لجنة الخبراء الأفريقية المعنية بحقوق الطفل ورعايته)
- كريستوف هيينز: المدير المشارك في معهد الفانون الدولي والمقارن في أقريقيا)