7 صفحات
في ما خصّ البيان الوزاري، يمكن القول إنّ الحكومة أنجزت ما عليها في وضع الصياغة النهائية للبيان الذي على أساسه تطلب ثقة المجلس النيابي.
ووفق معلومات «الجمهورية» فإنّ البيان يقع في 7 صفحات فولسكاب، يحاكي في معظمه ما ورد في خطاب القَسَم لرئيس الجمهورية جوزاف عون، وفق خريطة أساسيات وأولويات في شتى المجالات تضع لبنان على سكة التعافي والنهوض من جديد، وتحت سقف الإلتزام الكلي بالدستور واتفاق الطائف.
ويلحظ البيان «اعتماد سياسة خارجية تسهم في استعادة لبنان رصيده العربي وموقعه الدولي، وتحشد دعم العواصم الشقيقة والصديقة والمنظمات العربية والدولية، مع الحرص على عدم استعمال لبنان منصة للتهجّم على الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة».
وفي موازاة التزام الحكومة ببناء إدارة نظيفة وكفوءة، وانتهاج خطط إصلاحية صارمة لمكافحة الفساد، وبرامج وخطط إنمائية وإنعاشية للوضع الاقتصادي والمالي، ولاسيما للقطاعات المنتجة، واستقلالية القضاء، فإنّ البيان يلحظ بصورة واضحة سعي الحكومة الى إجراء حوار جاد مع سوريا لضمان سيادة كل من البلدين واستقلالهما وضبط الحدود من الجهتين وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية لأي من البلدين، والعمل على حل قضية النازحين السوريين»، كما يلحظ تأكيد الحكومة على «رفض توطين الفلسطينيين، وتمسكها بحقهم في العودة وفي إقامة دولتهم المستقلة وفق مبادرة السلام العربية التي اعتمدتها قمة بيروت».
ويلحظ ايضاً «تأكيد الحكومة حق الدولة اللبنانية في ممارسة كامل سلطتها على الاراضي اللبنانية كافة ومن ضمنها المخيمات». اما في ما خصّ البند المتعلق بالاحتلال الاسرائيلي، فتشير المعلومات إلى انّ البيان الوزاري يلحظ «انّ الدولة التي نريد، هي التي تتحمّل بالكامل مسؤولية أمن البلاد، والدفاع عن حدودها وثغورها، دولة تردع المعتدي، تحمي مواطنيها وتحصن الاستقلال وتعبئ الأسرة العربية وعموم الدول لحماية لبنان، لذلك تشدّد الحكومة على التزامها بتعهداتها، ولاسيما لجهة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 كاملاً من دون اجتزاء ولا انتقاء. وتعيد تأكيد ما جاء في القرار نفسه، وفي القرارات ذات الصلة عن سلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده المعترف بها دولياً، حسب ما ورد في اتفاق الهدنة بين اسرائيل ولبنان في 23 آذار1949. كما تؤكّد التزامها بالترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية كما وافقت عليه الحكومة السابقة بتاريخ 27 تشرين الثاني 2024».
ويضيف البيان، «تلتزم الحكومة، وفقاً لوثيقة الوفاق الوطني المقرّة في الطائف، باتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لتحرير جميع الاراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي وبسط سيادة الدولة على جميع اراضيها بقواها الذاتية، ونشر الجيش اللبناني في مناطق الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً، وتؤكّد حق لبنان في الدفاع عن النفس في حال حصول اي اعتداء، وذلك وفق ميثاق الامم المتحدة، وتدعو إلى تنفيذ ما ورد في خطاب القَسَم للسيد رئيس الجمهورية، حول حق الدولة في احتكار حمل السلاح، كما تدعو إلى مناقشة سياسة دفاعية متكاملة كجزء من استراتيجية أمن وطني على المستويات الديبلوماسية والاقتصادية والعسكرية.. وإننا نريد دولة تملك قرار الحرب والسلم، ونريد دولة جيشها صاحب عقيدة قتالية يحمي الشعب ويخوض أي حرب وفقاً لأحكام الدستور، ويترتب على الحكومة أن تمكّن القوات المسلحة الشرعية من خلال زيادة عديدها وتجهيزها وتدريبها، مما يعزز قدراتها على ضبط الحدود وتثبيتها جنوباً وشرقاً وشمالاً وبحراً، وعلى منع التهريب ومحاربة الإرهاب».
دفع للعمل
إلى ذلك، تؤكّد معلومات «الجمهورية»، انّ رئيس الجمهورية يدفع في اتجاه التسريع في انطلاقة العهد في ورشة عمل حكومي سريع وحثيث ينتظرها كل اللبنانيين. ولهذا فإنّ الدفع الرئاسي يتركّز على الاستفادة من الوقت وعدم تفويت فرصة تجاوز التحدّيات الكبرى بشراكة وتعاون كاملين مع كل الأطراف وبين كل الأطراف، بما يسهّل انطلاقة الدولة وإعادة انتظام مؤسساتها، ووضعها على سكة النهوض من جديد، حيث لا طموحات للبنانيين سوى العيش بأمان واطمئنان، وتوفير ولو الحدّ الأدنى من الاستقرار والانتعاش والخدمات. والقاعدة الأساس لهذا العمل هي مدّ اليد الرئاسية في اتجاه الجميع، والاستفادة من تجارب الماضي، وتجنّب سياسات المماحكة والتعطيل التي دفّعت اللبنانيين أثماناً باهظة.
وفي سياق متصل، تحدثت معلومات عن دفع حثيث لدى أهل الحكومة لنيلها حكومة ثقة يعتدّ بها، وبحسب المعلومات، انّ مراجع رسمية وجهات وزارية كثفت في الأيام الأخيرة اتصالاتها مع العديد من الكتل والتوجّهات النيابية لضمان حصول الحكومة على ثقة وازنة ومهمّة في جلسة مناقشة البيان الوزاري والتصويت على الثقة في المجلس النيابي.
ويأتي ذلك في وقت اكّدت كل التقديرات نيل الحكومة لثقة تتجاوز الـ80 صوتاً من أعضاء المجلس النيابي.
إنسحاب ناقص
إلى ذلك، اليوم 18 شباط 2025، هو الموعد المحدّد للانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية. إلّا انّ الأجواء السائدة تؤشر إلى مماطلة إسرائيلية في إتمام هذا الانسحاب بصورة شاملة، تواكب قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالإبقاء على احتلال 5 نقاط استراتيجية في عدد من تلال ما تُعرف بقرى الحافة الأمامية.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ناداف شوشاني، انّه «بناءً على الوضع الراهن، سنترك بعد 18 شباط، قوات محدودة منتشرة موقتاً في 5 نقاط استراتيجية على طول الحدود مع لبنان، بحيث نواصل الدفاع عن سكاننا ونتأكّد من عدم وجود تهديد فوري».
كما أعلن الجيش الإسرائيلي انّه «سيسمح اليوم الثلاثاء للبنانيين بالوصول إلى القرى التي غادروها وهي كفركلا، والعديسة وحولا وميس الجبل». وتزامن هذا الإعلان مع ارتفاع أصوات داخل إسرائيل تتهم الحكومة اللبنانية بعدم الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، وانّ «حزب الله» عاد إلى التسلّح، وكذلك مع أصوات إسرائيلية تدعو إلى تجريد «حزب الله من سلاحه شمال الليطاني، حيث تلقّى دعماً من نواب اميركيين يقولون انّه ستكون هناك 6 أشهر للحكومة اللبنانية لتجريد حزب الله» من سلاحه، عبر مشروع يُعدّ في الكونغرس، والّا فلا مساعدات».
5 قنابل موقوتة
وإذا كانت بعض القراءات السياسية قد أدرجت إبقاء اسرائيل على النقاط الخمس، في سياق محاكاة الداخل الإسرائيلي الرافض اصلاً للانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، ومحاولة تطمين سكان مستوطنات الشمال الرافضين للعودة اليها في ظل ما يعتبرونه استمرار التهديد في الشمال، فإنّ قراءات موازية ربطت إبقاء احتلال النقاط الخمس، بنزع الدولة الللبنانية لسلاح حزب الله. فيما تصف مستويات رسمية لبنانية هذا الامر بعدوان موصوف على السيادة اللبنانية، وانتهاكاً لأراضيه وتهديداً لأمن واستقرار سكان المنطقة اللبنانيين، من خلال نقاط 5 تشكّل 5 قنابل موقوتة، قابلة للانفجار في أي لحظة، ما يشرّع باب الاحتمالات الخطيرة على مصراعيه، ولا سيما انّها لمجرد وجودها تشكّل منطلقاً لعمليات عدوانية على كل الجنوب.
إحباط
وفيما تتقاطع المستويات الرسمية على التأكيد على واجب الدولة متابعة هذا الموضوع حتى إلزام إسرائيل على الانسحاب الكلي من الأراضي اللبنانية، تؤكّد معلومات موثوقة لـ»الجمهورية» أنّ مسؤولاً كبيراً عكس لزواره شعوراً بالإحباط «من عدم صدقية الوعود التي قطعت للبنان، ولا سيما من جانب رعاة اتفاق وقف اطلاق النار في إلزام إسرائيل بالانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية، حيث انّهم يقولون لنا شيئاً، ويفعلون شيئاً آخر». على انّ الأخطر في ما قاله المسؤول عينه هو «انّ بقاء الاحتلال للتلال اللبنانية الخمس، فضلاً عن انّه يُبقي كل المنطقة في توتر دائم وعرضة للاحتمالات، فإنّه يفرض واقعاً جديداً يمسّ حق لبنان بحدوده وأرضه، حيث كان لدى 13 نقطة مختلف عليها على الخط الازرق، كان قد تمّ حسم معظمها، والآن عادت الامور إلى نقطة الصفر بإبقاء إسرائيل على النقاط الخمس».
واضاف: «انّ هذا الامر برسم لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار، ولا سيما الراعي الأميركي لهذه اللجنة، لوجوب حسمه الفوري، كونه يشكّل عدواناً مستمراً يُبقي المنطقة الجنوبية ارضاً مستباحة، والأمن والاستقرار في المنطقة مهددين، وأخطر ما في موازاة ذلك هو أن تذهب إسرائيل في تفلّتها إلى ممارسة ما تسمّيه حرّية الحركة في لبنان، بما يبقي كل لبنان مهدّداً باعتداءاتها وعملياتها التخريبية والتدميرية، وشرارات العدوان مشتعلة».
وعشية موعد الانسحاب، واصل الجيش الإسرائيلي اعتداءاته على المناطق الجنوبية، عبر الإمعان في تخريب وتدمير وإحراق بيوت العديد من القرى، بالتزامن مع استباحته للأجواء اللبنانية واستهدافاته في العمق اللبناني، حيث أقدم أمس على اغتيال احد مسؤولي «حماس» في غارة لمسيّرة إسرائيلية استهدفت سيارته على مدخل مدينة صيدا بالقرب من الملعب الرياضي.
عون يتابع
وكان رئيس الجمهورية جوزاف عون قد أعلن أمس انّه يتابع اتصالاته على مختلف المستويات لدفع «إسرائيل» إلى الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، والانسحاب في الموعد المحدّد، وإعادة الأسرى.
وقال خلال لقائه وفد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إنّه على «رعاة الاتفاق أن يتحمّلوا مسؤوليتهم في مساعدتنا في ذلك». وشدّد على أنّ «العدو الإسرائيلي لا يُؤتَمَن له، ونحنُ متخوّفون من عدم تحقيق الانسحاب الكامل، وسيكون الردّ اللبناني من خلال موقف وطنيّ موحّد وجامع».
وأكّد على أنّ «خيار الحرب لا يُفيد، وسنعمل بالطرق الديبلوماسيّة، لأنّ لبنان لم يَعُد يحتمل حرباً جديدة، والجيش جاهز للتمركز في القرى والبلدات التي سينسحب منها الإسرائيليون».
وكرّر الرئيس اللبناني تأكيده على أنّ الأمر المهم هو تحقيق الانسحاب الإسرائيلي، أما سلاح «حزب الله» فيأتي ضمن حلول يتَّفق عليها اللبنانيون أنفسهم». وطمأن اللبنانيين، قائلاً: «لا خوف من فتنة طائفيّة في لبنان، ولا من انقسام في صفوف الجيش. فشهداء الجيش الذين سقطوا خلال العدوان الإسرائيلي ينتمون إلى كلّ الطوائف ومن كلّ مناطقِ لبنان، ومهمّة الجيش مقدّسة، فاطمئنّوا لذلك».
أزمة الطائرة الإيرانية
واما على صعيد أزمة الطائرة الايرانية، فتنصبّ الاتصالات لاحتوائها، وبرز في هذا السياق ما اعلنته وزارة الخارجية الإيرانية من انّ وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي أجرى «محادثات جيّدة» مع نظيره اللبناني جو رجي بشأن أزمة الرحلات الجوية بين البلدين. ولفتت إلى انّ محادثات عراقجي مع نظيره اللبناني أكّدت أهمية مواصلة التعاون وعدم السماح بتدخّل فريق ثالث في العلاقات بين إيران ولبنان. وأكّدت الوزارة أنّ «المحادثات مستمرة بين طهران وبيروت. ونأمل بأن نصل إلى حلول تخدم مصالح الشعبين».
وفي سياق متصل، عُقد اجتماع برئاسة رئيس الجمهوريّة خُصّص للبحث في التطورات المتعلقة بالمطار، لا سيما الأحداث على طريق المطار. وحضر الاجتماع رئيس الحكومة نواف سلام، ووزراء الدّفاع، الخارجيّة، الداخليّة، الأشغال العامّة والنقل، إضافةً إلى قائد جهاز أمن المطار. وصدر في نهايته بيان جاء فيه: «تمّ تكليف وزير الخارجية والمغتربين متابعة الاتصالات الديبلوماسية لمعالجة مسألة الرحلات الجوية بين طهران وبيروت وتأمين عودة المسافرين اللبنانيين الذين ما زالوا في إيران، وإعطاء التوجيهات اللازمة والصارمة للأجهزة العسكرية والأمنية بعدم التهاون أو السماح بإقفال طريق المطار والحفاظ على الأملاك العامة. وأثنى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء على عمل الأجهزة العسكرية والأمنية للحفاظ على الأمن المحيط بالمطار وإبقاء الطريق المؤدية إليه سالكة.
وتمّ تكليف وزير الأشغال العامة والنقل تمديد مهلة تعليق الرحلات من وإلى إيران، مع التأكيد على التدابير والإجراءات المتّبعة في تفتيش كلّ الطائرات وتكليف جهاز أمن المطار متابعة الالتزام بالتوجيهات اللازمة». وكان الرئيس عون قد التقى أمس سفراء دول اللجنة الخماسية؛ الأميركية ليزا جونسون، الفرنسي هيرفيه ماغرو، السعودي وليد البخاري، القطري الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، والمصري علاء موسى، الذين زاروا ايضاً رئيس الحكومة نواف سلام. وأوضح السفير المصري انّ الغاية من الزيارة هي تأكيد دعم المرحلة الجديدة التي يمرّ فيها لبنان، والتزام كامل للوقوف إلى جانب الدولة اللبنانية». واكّد «التزام الخماسيّة ملفّ إعادة الإعمار، على أن يتمّ بالكامل تحت إشراف الدولة اللبنانيّة».