هلْ لدينا الرَّخاءُ بعدُ؟

وكأنَّ كباشاً كبيراً يتمُّ بينَ الماضي والحاضرِ،
بينَ ما يفرضهُ الواقعُ السياسيُّ بكلِّ موروثاتهِ وضروراتهِ، وبينَ ما تتطلبهُ التغيُّراتُ السياسيةُ والجيوسياسيةُ في لبنانَ والمنطقةِ، وحجمُ الزلازلِ التي حدثتْ وقلبتْ الامورَ رأساً على عقبٍ.
منْ الطبيعيِّ أنْ يفكِّرَ كُثُرٌ منْ اطرافِ السياسةِ في لبنانَ، أنْ لا شيءَ تغيَّرَ،وأنَّ الامورَ ستجري كما كانتْ في السابقِ،
فيما منْ وصلوا في قافلةِ التغيُّراتِ الجديدةِ يعتقدونَ أنَّ بإمكانهمْ سحبُ البساطِ بسرعةٍ والإنتقالُ إلى مرحلةِ الإنقلابِ على الماضي،
لا هذا صحيحٌ، ولا ذاكَ صحيحٌ.
***
بالأمسِ سمعنا كلاماً لرئيسِ الجمهوريةِ ينصحُ فيهِ الأفرقاءَ بالإبتعادِ عنْ المحاصصةِ والامورِ الصغيرةِ،
فيما يسعى الرئيسُ المكلَّفُ إلى فرضِ امرٍ واقعٍ عبرَ إستقطابِ الاسماءِ التي يعتبرها كبيرةً لتمريرِ التشكيلةِ الحكوميةِ كأمرٍ واقعٍ.
ولكنْ هلْ تستقيمُ الامورُ هكذا؟
أوليستْ الاوضاعُ تتطلَّبُ حسماً واقعياً لمنعِ تأجيلِ تشكيلِ الحكومةِ إلى ما لا نهايةَ..
***
نفهمُ أنَّ البلادَ إنشغلتْ بالأمسِ بزيارةِ وزيرِ الخارجيةِ السعوديةِ على رأسِ وفدٍ إلى لبنانَ وهي الاولى منذُ خمسةَ عشرَ عاماً يعودُ منْ خلالها العربُ منْ البابِ العريضِ إلى لبنانَ،
ولكنْ نتمنى أنْ تُشكِّلَ هذهِ الزيارةُ حافزاً يُعلِّمُ الجميعَ أنَّ مصلحةَ لبنانَ بتشكيلِ حكومةٍ جديدةٍ تفتحُ البابَ على الثقةِ العربيةِ والدوليةِ بلبنانَ، وكمْ نحنُ بحاجةٍ إليها بعدَ كلِّ الهزَّاتِ والسَّقطاتِ.
لم نعدْ بحاجةٍ إلى الخطابِ المتكرِّرِ وإضاعةِ الفرصِ حولَ كيفيةِ وآليةِ العملِ داخلَ مجلسِ الوزراءِ،
وما إذا كانَ القرارُ يُتَّخذُ بالتصويتِ او بالتوافقِ ولا حتى حولَ صيغةِ البيانِ الوزاريِّ، وما إذا كانَ يتضمنُ بنداً عنْ المقاومةِ ام لا...
***
هناكَ فاصلٌ زمنيٌّ يجبُ أنْ يُدركَهُ الجميعُ ليتعاملوا معهُ وعلى أساسهِ بتواضعٍ، بجدِّيةٍ، بواقعيةٍ، وفي الوقتِ نفسهِ بوطنيَّةٍ وبزخمٍ جديدٍ.
وهذهِ مسؤوليةُ الجميعِ معارضةٌ، ممانعةٌ، فريقٌ داعمٌ للعهدِ او ضدَّ العهدِ..
***
نحنُ امامَ تحدِّياتٍ وحاجاتٍ ومآسٍ ونحنُ على بعدِ ثلاثةِ ايامٍ منْ إنتهاء مهلةِ الستينَ يوماً لإتفاقِ الهدنةِ،
وما زالتْ اسرائيلُ تسرحُ وتمرحُ وتجرفُ وتقصفُ وتقتلُ تحتَ عنوانِ السلاحِ والمسلحينَ ومخازنِ حزبِ الله..
فماذا إذا بقيتْ اسرائيلُ في قسمٍ منْ جنوبِ لبنانَ بعدَ الاحدِ؟
وماذا إذا تجدَّدَ القتالُ او الحربُ، وماذا إذا صرنا امامَ واقعٍ عسكريٍّ جديدٍ جنوباً قد يطولُ...
هلْ لدينا الرَّخاءُ بعدُ للغنجِ حولَ الحكومةِ وشكلها؟