هذا الواقع جعل البلاد تغرق في مسار من النكبات الاقتصادية أفرزت بين العام 2011 وصولاً إلى العام 2024، انكماشاً في الناتج المحلّي بأكثر من 85 بالمئة، وفق أرقام البنك الدولي لهذا العام، والتي بيّنَت أن الصادرات السورية تراجعت بنسبة 89 بالمئة وكذلك تراجعت الواردات بنسبة 81 بالمئة. في حين تراجعت قيمة الليرة السورية بنحو 99 بالمئة وتضخّمت الأسعار بنحو 93 بالمئة. كما تراجعت مساحة الأراضي المزروعة بنسبة 25 بالمئة. وهذه المعطيات أدّت إلى انتشار الفقر بين نحو 69 بالمئة من السكان.
انهيار قطاع الطاقة
بالتوازي، تغيَّرَ واقع قطاع الطاقة في سوريا رأساً على عقب. فتراجع حجم إنتاج البلاد من النفط ومشتقاته والغاز، وباتت سوريا عاجزة عن إنتاج ما يكفيها من الكهرباء. والأرقام المسجَّلة حتى نهاية العام 2023 تعطي صورة عمّا آل إليه قطاع الطاقة. فإنتاج النفط ومشتقاته بلغ قبل العام 2011 نحو 385 ألف برميل يومياً ووصل الإنتاج في نهاية العام 2023 إلى نحو 15 ألف برميل يومياً، وفق ما أكّده وزير النفط والثروة المعدنية فراس قدور، الذي أشار إلى أن إجمالي إنتاج الغاز تراجع من نحو 30 مليون متر مكعب يومياً في العام 2011 إلى نحو 10 ملايين متر مكعب يومياً. أما إنتاج الكهرباء، فتراجع بحسب وزير الكهرباء غسان الزامل، من نحو 7200 ميغاواط في العام 2010 إلى نحو 2000 ميغاواط بين نهاية العام 2023 وبداية العام 2024.
إعادة الإعمار
لا تقتصر الصورة السلبية للاقتصاد السوري بعد الحرب على الخسائر الاقتصادية المسَجَّلة، وإنما تتعدّاها إلى الأكلاف غير المباشرة، وأبرزها الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية لجميع القطاعات الاقتصادية، مما يصعِّب عملية إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي ويزيد من كلفتها. ومع أن الكلفة الحقيقية لإعادة الإعمار لا تزال غير واضحة بسبب عدم إجراء أي مسح ميداني للأضرار التي قدَّرَها البنك الدولي حتى نهاية العام 2022 بما يتراوح بين 8.7 و11.4 مليار دولار. وأوضح البنك في تقريره للعام 2023 أن حصة البنية التحتية من الأضرار تصل إلى نحو 68 بالمئة أي ما يتراوح بين 5.80 و7.8 مليارات دولار.
هذه الخسائر ترهق عملية إعادة الإعمار التي ينتظرها المستثمرون، إلاّ إذا توصَّلَ المجتمع الدولي والدول ذات المصالح المباشرة في سوريا، على انتشال البلاد من فوضاها سريعاً، وهذا يستتبع حلاً سياسياً وانتظاماً سريعاً لعمل مؤسسات الدولة، فضلاً عن ضخ الكثير من الأموال.