أكدت المحكمة الادارية بموجب الحكم عدد139135 الصادر بتاريخ 26-06-2015 أن احترام التعددية النقابية يفرض على الدولة ومؤسساتها عدم تمييز نقابة على أخرى. انتهت المحكمة الادارية في تنزيلها لمبدأ الامتناع عن المعاملة التمييزية بين النقابات لان تفرض على الدولة اسناد نقابات العمال على تعددها امتياز اقتطاع مقابل العضوية بالهيكل النقابي لموظفي الدولة والمؤسسات العمومية مباشرة من المورد. هذا الامتياز الذي كانت مؤسسات الدولة التونسية تمنحه للاتحاد العام التونسي للشغل وتمنعه عن غيره من النقابات دون مبرر. اكد الحكم القضائي مبدأ التعددية النقابية وبين ضرورة الالتزام بهذه التعددية في الممارسة الادارية. ويكتسي هذا الحكم أهمية عملية بالغة باعتبار أنه سيؤدي لتدعيم التعددية النقابية وإنهاء كل اشكال تمييز الدولة للاتحاد العام التونسي للشغل عن غيره من النقابات في التعامل.
ويتجاوز نطاق المعاملة التمييزية التي أضحت الحكومة التونسية ملزمة بانهائها مسألة اقتطاع الاجور ليؤدي لاعادة النظر في مسائل ذات أثر أكبر على العمل النقابي بتونس. فالحكم يطرح السؤال حول التفرغ النقابي أي تمكين اعوان الدولة من التفرغ الوظيفي للعمل النقابي مقابل تكفل النقابة بخلاص أاجورهم مع احتفاظهم بحقهم في العودة لسالف عملهم بمجرد انهاء تفرغهم وتمتعهم بالتدرج الوظيفي خلاله. هذا اضافة الى مسألة تمثيل اعوان الدولة والمؤسسات العمومية في المفاوضات الاجتماعية. وهي امتيازات كان يتمتع بها الاتحاد العام التونسي للشغل دون سواه.
ورد الحكم ليرفع الحرج عن الحكومة التونسية التي منعتها الشرعية التاريخية والنضالية للمنظمة النقابية الأعرق بتونس من تصحيح معاملتها معها بشكل يؤدي لاحترام الاتفاقات الدولية التي صادقت عليها الدولة التونسية والتي تمنع كل الاشكال التمييزية في التعامل مع النقابات. وقد يؤدي تنفيذ الحكومة لحكم المحكمة الادارية التونسية لقطع الطريق أمام مؤاخذة هذه الحكومة من قبل منظمة العمل الدولية التي تتعهد بتتبعات ضدها من أجل اتهامها بالتمييز بين النقابات. وقد يفسر هذا الامر عدم رد رئاسة الحكومة التونسية على الدعوى واكتفائها بانتظار فصل المحكمة في موضوعها.
وتنفرد المفكرة القانونية بنشر الحكم القضائي الذي تعده حكما مرجعيا سيؤثر في المشهد السياسي والاجتماعي التونسي على أمل أن يؤدي نشرها للحكم الى تطوير النقاش العام حول التعددية النقابية.