«المستقبل» و«الاشتراكي» يطلبان التصويت على تأجيل مناقشة المادة الثانية ويرفضان النتيجة
اللجـان النيابيـة المشـتركة تقـر «الأرثوذكـسي»: التوافـق يقتـرب؟ - جريدة السفير - ايلي الفرزلي

 

 - Feb 20, 2013



 إذا كان متوقعاً أن ينسحب نواب «المستقبل» من جلسة اللجان النيابية المشتركة أمس، فإن المفاجأة الحقيقية تمثلت في إقرار القانون «الأرثوذكسي» بكامل بنوده وبسرعة قياسية. الأكيد أن المسؤولية في ذلك تقع أولاً وأخيراً على عاتق رافضي الاقتراح أنفسهم: بحضور «المستقبل»، احتاجت اللجان المشتركة الى يوم كامل لإقرار مادة واحدة، أما في غيابهم فقد أقرت 15 مادة خلال أقل من ساعة. 

 

انسحب «المستقبل» و«الاشتراكي» و«مستقلو 14 آذار» اعتراضاً على التصويت على مواد الاقتراح «الأرثوذكسي»، ورد عليهم الرئيس نبيه بري بعكس ما يشتهون. لم يتردد للحظة واحدة في استكمال النقاش كأن شيئاً لم يكن. وما كاد نواب «المستقبل» يفرغون من مؤتمرهم الصحافي حتى كانت ابتسامات نواب الأكثرية تتدافع في الممر معلنة أن «الأرثوذكسي» تحول إلى أمر واقع بعدما كان بعيد المنال. 
هذا لا يعني أن فرص التوافق قد نسفت، بل على العكس فقد صارت الطريق إليه أسرع وبدأت المرحلة الحقيقية، على حد قول النائب جورج عدوان. ومن كان يتوقع أن تنشط المباحثات في كواليس المجلس وخارجه بالتوازي مع عمل اللجان المشتركة، صار قادراً على التفرغ لابتداع القانون التوافقي حصراً.
«المستقبل»: تنازلات مستمرة
أمس، وصل الاقتراح «الأرثوذكسي» إلى أبعد مدى يتوقع أن يصله. أدى كل الوظائف التي أرادها له أصحابه ولم يبق أمامه إلا أن يسلم الراية إلى قانون مختلط لم يُتفق على تفاصيله بعد. كل تلك الوظائف كانت موجهة ضد «المستقبل» تحديداً. الأصح ضد «قانـون الســتين» ومحــاولات تأبيده.
أصاب «الأرثوذكسي» تيار «المستقبل»، فراح يقدم التنازل تلو الآخر ولا يزال مستعداً لتقديم المزيد، مقابــل إبعاد شبــح القانون الوحيد الذي يعده بأفول نجمه بوصــفه أكــبر تكــتل نيــابي في دورتي 2005 و2009.
حتى الخبر الذي وزع عن اتصال العماد ميشال عون بكل من البطريرك الماروني بشارة الراعي، رئيس «الكتائب» أمين الجميل ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع، لتبادل التهاني بإقرار «الأرثوذكسي يبدو جزءاً من المشهد الذي يعبر عن هزيمة «المستقبل» في معركة قانون الانتخاب. صحيح أن المعركة لم تنته إلا أنها تخاض بالنسبة لـ«8 آذار» على قاعدة «رابح رابح»، فإما أن يقبل الخصوم بصيغة أقرب ما تكون إلى صيغة الرئيس نبيه بري (64 أكثريا + 64 نسبيا) وإما أن يتحول اقتراح «اللقاء الأرثوذكسي»، الذي تعامل معه البعض بداية على أنه مزحة، إلى قانون نافذ تجرى الانتخاب على أساسه، فينتخب كل مذهب نوابه. 
ثمة من يؤكد أن خروج «المستقبل» لم يكن بالخطأ القاتل، إلا انه يعيب عليه سوء التقدير السياسي الذي جعله يذهب إلى الحد الأقصى بالرغم من ان الأمور داخل اللجان لم تكن إلا في السياق المرسوم لها، أولاً لأن بري أعطاه الضمانات الكافية بان محاولات التوافق لن تتوقف، وثانياً لأنه كان قادراً خلال الجلسات على أن يطيل أمد المناقشات قدر ما يشاء، إلى أن تتضح خطوط التوافق. في المقابل، فإن لـ«المستقبل» وجهة نظر مختلفة. وثقته المهتزة برئيس المجلس تجعله يشك في نياته، التي قد تحول «التيار» إلى شاهد زور على إقرار الاقتراح مادة تلو الأخرى. 
بعيداً عن الاتهامات المتبادلة، فإن الأكيد أنه في ظل الاقتراب من المهل الدستورية، فقد ساهمت مجريات يوم أمس في كسب أسبوع على الأقل كانت ستحتاج اليه دراسة القانون، إضافة إلى الدور التحفيزي الذي سيلعبه إقرار المشروع.

بري: في المطبخ الأمر مختلف

ولان بري كان متسلحاً بألف باء التشريع، فقد أصر على عدم الالتفات إلى الخلف. سار قدماً بمناقشة الاقتراح مقتنعاً بأنه «لا تزر وازرة وزر أخرى»، وبأن النقاش بـ«الأرثوذكسي» لا يمنع محاولات الوصول إلى توافق على قانون الانتخاب، علماً بأنه حتى الرئيس فؤاد السنيورة الذي غاب عن جلسة اللجان، كان قد أكد على مبدأ توازي العمل التشريعي في اللجان المشتركة. 
لم يتأثر بري بغياب مكون أساسي عن الجلسة، بالرغم من إشارة النائب بطرس حرب لذلك. قال له حينها: نحن هنا في المطبخ وليس في الهيئة العامة. موقف بري تحول ليكون حاداً منذ سمع تهديد السنيورة بالانسحاب أول من أمس. قبل ذلك، لم يبخل بطمأنة كل من يهمه الأمر بأن متابعة النقاش في الاقتراح لا تعني أنه صار نهائياً، مذكراً أنه لن يقبل إلا بالتوافق.  قبل الدخول إلى الجلسة، أمس، كانت الابتسامة عريضة على أفواه نواب الأكثرية. بدوا شامتين بـ«المستقبل»، وإن لم يتوقع أكثر المتفائلين منهم أن يقر القانون بـ«غمضة عين». 
قبل ذلك، كان نواب «تكتل التغيير والإصلاح» ابراهيم كنعان وألان عون وسيمون أبي رميا، قد سمعوا كلاماً واضحاً من بري مفاده أن لا تراجع عن متابعة النقاش في مواد القانون، مهما كان قرار «المستقبل». 
دخل نواب «المستقبل» الجلسة جاهزين لمغادرتها سريعاً. ثم كانت كلمات لعدد من النواب أبرزها كلمة النائب نواف الموسوي، الذي قدم مداخلة مكتوبة، على غير عادته، مبرراً ذلك بأنه يريدها أن تكون «شهادة». قال الموسوي ان «الأرثوذكسي» ليس سوى مرآة للواقع الدستوري ثم الواقع السياسي، لكن عبر آليات عادلة. قال أيضاً انه يفهم أن يرجم العلماني الليبرالي الاقتراح، لكنه لا يفهم كيف يرجمه من يتكئ على الدستور ويمارس الطائفية السياسية في تفاصيلها. 
بعد ذلك، انتقل النقاش إلى النظام، حاول النائب بطرس حرب الاستعانة بالنظام الداخلي لمجلس النواب ليؤكد أن الأولوية في النقاش يجب أن تعطى للقوانين بحسب ورودها الزمني (مشروع الحكومة أولاً)، فرد عليه بري بأنه تم حسم هذا الموضوع سابقاً ونحن ملتزمون بالآلية المقررة في اللجان المشتركة. 
عندما فشلت محاولة إبعاد شبح «الأرثوذكسي» هذه، اقترح النائب عمار حوري أن يصار إلى تعليق النقاش في المادة الثانية (تنص على انتخاب كل مذهب لنوابه) لمدة 48 ساعة. فتح هذا الاقتراح باب الجدال طويلاً. ولأن المادة الثالثة أيضاً تتعلق بصلب الاقتراح، دعا النائب مروان حمادة إلى صرف النظر عن استكمال النقاش وإعطاء فرصة للتوافق. وبينما حاول النائب جورج عدوان أن يقنع الحاضرين بأخذ فترة زمنية قصيرة لإجراء مشاورات، كانت بدأت أصوات نواب «التيار الوطني الحر» بالارتفاع مطالبة باستكمال النقاش. 
وبين هذا وذاك، اقترح بري أن يصار إلى التصويت على مبدأ التأجيل. ولان الموقف حساس، تمت المناداة بالأسماء، فسقط الاقتراح الذي حظي بـ24 صوتاً، في مقابل أغلبية 31 صوتاً أيدت استكمال النقاش، بينما امتنع عضو كتلة «القوات» النائب جوزف المعلوف عن التصويت. 
عندها كان قرار «المستقبل» بالانسحاب. ثم تلاه نواب «جبهة النضال الوطني»، فالنواب بطرس حرب، إيلي عون وهنري حلو. وبالرغم من أن النائب روبير غانم شارك في جزء من الجلسة إلا انه عاد وانسحب «لأن النيات لم تكن صافية»، وكذلك فعل النائب عماد الحوت وإن لأسباب تتعلق بعدم حصوله على جواب واضح من بري بأنه سيعمد إلى مناقشة المشاريع الباقية بعد الانتهاء من «الأرثوذكسي».
عاب البعض على المنسحبين أنهم لم يحترموا اللعبة الديموقراطية التي وافقوا على اعتمادها في البداية ثم لم يلتزموا بنتائجها في النهاية، فسأل أحد النواب: «إما تكون نتيجة التصويت لمصلحة «المستقبل» أو يرفضها وينسحب. أية ديموقراطية يريدون تلقينها للبنانيين»؟

الجميل أكثر المحرجين

وبينما كانت «القوات» أكثر انسجاماً مع نفسها، فصوتت ضد تأجيل النقاش في «الأرثوذكسي»، ثم شاركت في الجلسة حتى النهاية، بدا ممثلو «الكتائب» الأكثر ارتباكاً: صوتوا مع التأجيل، من دون أن يغادروا الجلسة. ثم صار النائبان سامي الجميل وسامر سعادة يخرجان ويدخلان إلى القاعة العامة أثناء المناقشة السريعة للمواد الـ 16 التي يتألف منها القانون. فإذ بالجلسة تنتهي وهم خارج الجلسة. وبينما فسر بعض من بقي بأن هذا التردد بدا انسحاباً، أصر الجميل عند سؤاله على أنه لم ينسحب بل شارك في الجلسة حتى نهايتها!
ذهاباً وإياباً ذرع الجميل الممر المؤدي إلى غرفة الصحافيين، رفض أن يتحدث في البداية، ثم عاد وأدلى بدلوه بعدما التقى بري، حيث تردد أنه طمأنه بأن الموضوع لم ينته بعد. 
بعد خروج «المستقبل» من الاجتماع، وانتهاء المؤتمر الصحافي الذي عقده بعض نوابه، أشار النائب سيرج طورسركيسيان، الذي دخل القاعة للتأكد، الى أن النصاب ليس مؤمناً. وكذلك أكد ذلك النائب أحمد فتفت، إلا ان النائب بطرس حرب رد عليه بالإشارة الى أن لا مشكلة في مسألة النصاب، لأنه يحسب على أساس ثلث عدد أعضاء اللجان الخمس المشاركة في الاجتماع (الداخلية والبلديات، الإدارة والعدل، المال والموازنة، الخارجية، والإعلام والاتصالات). 
وإذ رأى أحد النواب المنسحبين أن ما حصل يدل على أن بري يشعر بأنه لا يزال يملك الوقت، وبالتالي فهو يمكنه خلال الفترة الفاصلة أن يسدد الفاتورة لحلفائه، اعتبر نائب منسحب آخر أن الخطأ بدأ منذ وافق المعترضون على القانون على أن يصوتوا على المادة الأولى.
وبالرغم من أن المواد كانت تقر على عجل، إلا إن ذلك لم يمنع النقاش فيها وتعديل بعضها، لا سيما المادة 13 المتعلقة بطريقة احتساب اللوائح الفائزة والتي تم تعديلها بناء على اقتراح من النائب علي فياض، فضلا عن اضافة مادة تتعلق باقتراع المغتربين.
أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة