"الأرثوذكسي" يترنّح مجدداً...رسالة سليمان وصلت! - جريدة البلد - الياس قطار

 - Jan 16, 2013



 أحدٌ لم يفهم ما حصل أمس في قصر بعبدا. ربّما كانت مفاجأة للمسيحيين “المتكوّمين” حول مشروع اللقاء الأرثوذكسي وربّما لم تكن. فعلها الرئيس ميشال سليمان. لم يجد سبيلاً للتخلّص من “الأرثوذكسي” سوى بإعادة “زكزكة” أفراد الحكومة من خلال العزف على مشروعهم مع النُصح ببعض التعديلات.
 
في الأمس، وأمام وجوهٍ دبلوماسيّة انتظرت من الرئيس موقفاً، استفاق مشروع الحكومة القائم على النسبية والدوائر الـ13 بعدما بدا وكأنه أصبح “وراء ظهر الجميع” بمن فيهم عرابّوه لكن ليس فعلاً... فالرئيس الذي عزم منذ سطوع نجم “الأرثوذكسي” على ردّه، وجد في مشروع الحكومة -الذي لم “تلكشه” دوائر قصر بعبدا من قبل تمامًا كما تناساه طارحوه لحساب قانون يلمّ شملهم- بديلاً لا يحرجه أمام الرأي العام المسيحي، وفي المقابل يقيه “شرّ التوقيع” على ما يعتبره “منافياً للعيش المشترك”. فما هي أبعاد إحياء مشروعٍ ولد ميتاً ولم يهضمه أيُّ طرفٍ في 14 آذار عكس “الأرثوذكسي”؟ وهل يحمل موقف الرئيس رسالةً واضحةً الى جميع المسيحيين وبنوع خاص الكتل المارونية الأربع لا الى بكركي الحاضنة لموقع الرئاسة الأولى وشخص رئيسها؟ وهل وصلت الرسالة بهذه السرعة الى الجميّل الابن وجعجع اللذيْن تحدث أولهما عن تطويع “الأرثوذكسي” مع هواجس الحلفاء ليصبح أكثرياً، فيما ذهب الثاني الى الحديث عن ثغراتٍ لا بدّ من تعديلها؟ بمعنى آخر، هل كتب سليمان بيده نهاية صلاحية مشروع اللقاء الأرثوذكسي وشرّع الباب للعودة الى”الستين” ليقينه بأن مشروع الحكومة لن يلقى مباركة أي طرفٍ في 14 آذار تصويتياً؟ ومن الناحية الدستورية، الى أيّ مدى يُعتبر رفض الرئيس ملزماً؟ وفي أيّ حالٍ يصبح القانون نافذاً وضمن أيّ فترةٍ زمنية؟
 
نؤمن بدستوريته
أكد نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي لـ “صدى البلد” أن “حديث رئيس الجمهورية عن قانون يتعلّق بحكومة أقرته وحوّلته الى مجلس النواب أمرٌ لا يحيي ولا يميت لأن القرار يعود الى النواب والكتل الأساسيّة، وليس رئيس الجمهورية هو من يقرّر دستورية أي مشروع، بل من يقرّر هو المجلس الدستوري في حال رأى أن لدى الرئيس التباساً حول الموضوع. نحن نؤمن بدستورية مشروع الحكومة ولكن السؤال الكبير: عندما حوّل الرئيس مشروع الحكومة الى الأخيرة كفكرة وذهب بعدها الى المجلس النيابي، لمَ لم نجد في الحكومة أو في دوائر قصر الرئاسة مسؤولاً واحداً دافع عن هذا القانون؟ بالعكس أكد الرئيس بعد مرور أسبوعيْن على هذا القانون وتحويله الى مجلس النواب أنه إذا لم يُصَر الى تصديق قانون جديد سنجري الانتخابات على أساس قانون الستين، كما لو أن كلامه حمل تشجيعاً للقوى الرافضة لمشروع الحكومة لتستمرّ و”تتمسمسر” في رفضها ليمرّ قانون الستين. لماذا اليوم، بعدما تمّ الإجماع المسيحي بالطريقة التي تمّ فيها ونال هذا التأييد من كتلتيْن رئيسيّتيْن هما أمل وحزب الله وخلق شعبيّة في كلّ مكوّنات المجتمع اللبناني، نأتي لنحرّك مشروع الحكومة؟ في شتى الأحوال هذا حقٌّ من حقوق الرئيس بيد أننا كنا نأمل من الحكومة ورئيسها أن يتحركا بمنطق غير منطق الحديث عن مثالثة مغلوطة لا علاقة للقانون الأرثوذكسي بها، ولكن ما العمل هذا هو الواقع ومن يقرر هم النواب وتحديداً التجمعات والكتل الرئيسيّة في المجموعة المسيحية”.
 
لمَ لم يدافعوا عنه؟
وشدد على أنه “لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يرفض ويقبل. فعندما يرفض هناك أسلوب دستوري بالرفض وعندما يقبل هناك أسلوبٌ دستوري بالقبول. رئيس الجمهورية يجب أن يبقى ذاك الحكم الذي نلجأ اليه جميعاً لضبط الأمور، وعندما يكون هناك التباس حول مسألة ميثاقيّة أو دستورية، يذهب الى المجلس الدستوري. لا يحقّ له أن يقرّر، وحتى تاريخه لم أسمع منه كلامًا واضحاً. الكلام الحقيقي الذي قاله اليوم (أمس) عن تحريك مشروع الحكومة حقٌّ من حقوقه لأن هذا المشروع صدر برئاسته وبالتالي له الحقّ أن يذكّر به، ولكن هذا مجرّد تذكير لأن الحكومة لم تضطلع بواجبها في الدفاع عن هذا المشروع عندما تحوّل الى المجلس النيابي. سمِّ لي مسؤولاً حكومياً أو مسؤولاً واحداً في دوائر القصر الجمهوري دافع عن قانون الحكومة. مع التذكير والتأكيد أن الرئيس هو من كان وراء تحريك قانون النسبية وقانون الانتخابات وأقول ذلك للأمانة.
 
شهر أو 5 أيام
أما على المستوى الدستوري، وعن الحالات التي يكون رأي رئيس الجمهورية فيها ملزماً، فأكد رئيس مجلس شورى الدولة السابق يوسف سعدالله الخوري لـ “صدى البلد” أن “حديث رئيس الجمهورية عن مشروع الحكومة هو كلامٌ مسؤول ولكنه غير ملزم، وليس هناك إلزام إلا في ما يفرضه الدستور والقانون، وهذان الأخيران يفرضان أن مجلس النواب يمتلك الكلمة الفصل؛ وعندما يقرّ مشروع القانون من مجلس النواب لا بدّ أن يحظى بالأكثرية النسبيّة ركوناً الى المادة 34 من الدستور أو النصف زائداً واحداً من النصاب الذي يكون مكتملاً. وعندما يُقرّ القانون يجب أن يصدر عن رئيس الجمهورية بواسطة الحكومة التي يُحال اليها مشروع القانون من رئيس مجلس النواب بعد إقراره، ورئيس الحكومة يحيله الى رئيس الجمهورية الذي يمتلك حسب المادة 56 من الدستور مهلة شهر لقبوله أو ردّه، أما إذا أقرت الهيئة العامة لمجلس النواب وجوب استعجال إصداره تصبح المهلة الممنوحة للرئيس 5 أيام”. ولكن ماذا لو ردّ الرئيس هذا القانون؟ ما هي فرص أن يصبح نافذاً ومتى؟ يجيب الخوري: “لرئيس الجمهورية حسب المادة 57 بعد إطلاع مجلس الوزراء حقّ طلب إعادة النظر في القانون مرّة واحدة ضمن المهلة المحددة لإصداره والتي تتفاوت بين شهر إذا كان الإقرار عادياً و5 أيام إذا حمل صفة الاستعجال، ولا يجوز أن يُرفَض طلبه، وعندما يستعمل حقّه هذا يصبح إصدار القانون رهن موافقة مجلس النواب عليه بعد مناقشة أخرى في شأنه وإقراره بالغالبية المطلقة لا بالأكثرية النسبية كما يحدث قبل رفضه من الرئيس، بمعنى أنه يجب تأمين 65 نائباً على الأقلّ كي يُعاد إقراره، علمًا أن في المناقشة الأولى يكفي حضور 65 نائباً ليُقرّ بالأكثرية النسبية أي 33 نائباً”. ولفت الى أن “في حال انقضاء المهلة من دون إصدار القانون أو إعادته من قبل الرئيس يصبح نافذاً حكمًا”.
 
قانون بمبادرة رئاسية
وأشار الخوري الى أن “رئيس الجمهورية جُرِّد من كلّ صلاحياته، ولم يبقَ له إلا اليسير من الصلاحيات البروتوكولية أهمها توقيع المراسيم وترؤس الحفلات، هذا وعندما يُرسل مشروع قانون بصفة الاستعجال الى مجلس النواب، وإذا مرّت 40 يومًا على عرضه على الهيئة العامة من دون إقراره، يستطيع رئيس الجمهورية بمبادرة منه أن يُصدره بمرسوم تحت مسمّى “قانون موضوع موضع التنفيذ بمرسوم” بعد استشارة مجلس الوزراء بدل أن يكون قانوناً مقرّاً في مجلس النواب”.
 
كمريض...
إذاً استفاق مشروع الحكومة الانتخابي من غيبوبته “الطوعية” بعدما قررت اللجنة الفرعية التخلي عنه في أولى جلساتها لتضع في صدارة مناقشاتها مشروع اللقاء الأرثوذكسي... بدا واضحاً أنه مفعول الصرح الماروني الذي احتضن لقاءً على عتبة ساعاتٍ من انطلاق اجتماعات اللجنة، ليخرج الجميع من الجلسات الأولى وعلى ألسنتهم كلمة واحدة: “الأرثوذكسي”... ربّما لم يعلم هؤلاء أن جدار بعبدا سيقف في وجه مباركة مشروع مماثل وسيلجأ الى إعادة إنعاش مشروع الحكومة المطويّ في أدراجها كمريض يُعطى أوكسيجيناً تخلى عنه هو بنفسه لحساب دواء آخر... ذاك الدواء سرى في عروق الجسم المسيحي وأنعش قلبه ولكن القدر لن يكتب له، أغلب الظنّ، أن يصل الى رأسه...
أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة