عقد عدد من النواب والشخصيات السياسية المسيحية المستقلة اجتماعا في دارة النائب بطرس حرب ظهر اليوم، شارك فيه إلى النائب حرب النواب: ميشال فرعون، دوري شمعون، هنري حلو، فؤاد السعد، أنطوان سعد، نقولا غصن، والنواب السابقون: سمير فرنجية، صلاح حنين، الياس عطالله، جواد بولس، كميل زيادة، الوزير السابق ميشال الخوري، ميشال معوض والدكتور أنطوان حداد.
بيان
بعد الإجتماع الذي دام ساعة ونصف الساعة، أذاع النائب حرب البيان الآتي:
"تنادى النواب والشخصيات السياسية المسيحيون الحاضرون لعقد اجتماع للتداول في الطروحات ومشاريع قوانين الانتخابات المتداولة، وبعد البحث المستفيض والتداول والاتفاق مع كل من دولة نائب رئيس مجلس النواب الأستاذ فريد مكاري لوجوده في الخارج ومع عميد حزب الكتلة الوطنية كارلوس إده لتوعك صحي أصابه، الذي تعذر عليه الحضور لوجوده في الخارج، أصدر المجتمعون البيان الآتي :
أولا: يؤكد المجتمعون تمسكهم الثابت بوجوب إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها رافضين أي تأجيل أو تأخير لها، ويعربون عن أسفهم العميق لانحراف البحث في قانون الانتخابات النيابية عن مساره الوطني الديمقراطي المسؤول، ما وضع البلاد أمام خيارات خطيرة مهددة لوحدة لبنان، ضاربة لقواعد العيش المشترك التي قامت عليها دولة لبنان، والتي سمحت لمسيحييه، خلافا لمسيحيي كل دول المشرق العربي، أن يحققوا شخصيتهم الوطنية ويحافظوا على وجودهم وخصائصهم في إطار وحدة وطنية ارتكزت على التنوع والانفتاح والاعتدال، الذي وفرته الصيغة السياسية اللبنانية، ما جعل هذه الصيغة مثالا يحتذى به، وما دفع قداسة البابا في الإرشاد الرسولي إلى طلب تعميمها كنموذج للعيش المشترك، وإلى تمسك المسيحيين بها.
ثانيا: إن المجتمعين، ومن موقعهم المسيحي وتمسكهم بحق المسيحيين بالمشاركة الفاعلة في السلطة ورفضهم لأي تهميش لدورهم ووجودهم، ومن موقعهم الوطني المتمسك بوحدة لبنان وبصيغة العيش المشترك، يؤكدون رفضهم لأي قانون إنتخابي لا يؤمن تصحيح التمثيل السياسي، ولا سيما للمسيحيين، وفعالية هذا التمثيل من خلال تكريس حقهم في إختيار نوابهم، ويطالبون باعتماد قانون جديد للإنتخابات يسمح لكل مكونات المجتمع اللبناني باختيار ممثليهم والانتهاء من ظاهرة فرض نواب مسيحيين من قبل المجموعات الطائفية الأخرى على المسيحيين خلافا لرأيهم، على ألا يؤدي ذلك إلى تقسيم المجتمع عموديا على أساس مذهبي، تفاديا للمخاطر الكبيرة التي ستصيب الركائز التاريخية للوجود المسيحي الحر في لبنان.
ثالثا: يهم المجتمعون التأكيد أن مشروع اللقاء الأرثوذكسي ليس مشروع الطائفة الأرثوذكسية الكريمة ولم تتبناه أي من المرجعيات الدينية المسيحية خصوصا البطريركية المارونية، فهو اقتراح صادر عن مجموعة أرثوذكسية خاصة، وهو من أخطر الطروحات المتداولة، لأنه، وإن كان يوحي للوهلة الأولى بأنه يؤمن تمثيل المسيحيين بشكل مطابق لانتمائهم المذهبي ويحقق تاليا صحة هذا التمثيل، إلا أن المخاطر الوجودية الناجمة عن إقرار هذا المشروع تتجاوز بكثير تلك الإيجابيات الظاهرية القصيرة الأمد.
إن إقرار أي قانون إنتخابي يستند إلى مبدأ "كل مذهب ينتخب نوابه حصريا"، يتضمن في طياته مخاطر تطال الكيان والوحدة الوطنية والنظام السياسي، ويؤسس للإطاحة بمبدأ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين باتجاه المثالثة والأكثرية العددية المدمرة لوحدة لبنان وللوجود المسيحي الفاعل فيه، ويزيد التطرف ويقضي على الاعتدال الذي يحفظ لبنان، كما يؤدي إلى تمزيق النسيج التاريخي الاجتماعي اللبناني ويضرب وحدة المسيحيين بتقسيمهم إلى مذاهب متباعدة، كما يساهم في نشوء ثمانية عشرة دويلة مذهبية متناحرة غير قادرة على التواصل والتعاون في ما بينها بضرب دولة لبنان الواحدة القادرة على حماية أمن اللبنانيين واستقرارهم وازدهارهم الاقتصادي، ناهيك عن ضرب الثقافة اللبنانية المشتركة، التي لطالما شكلت البيئة الحاضنة لممارسة الحريات الفكرية والديمقراطية التي أعطت للمسيحيين معنى وجودهم وأهمية دورهم في لبنان.
رابعا: إن إقرار إقتراح اللقاء الأرثوذكسي سيحول قسما من اللبنانيين من أهالي المناطق اللبنانية التي لا تمثيل لمذهبهم فيها، وهم يعدون بمئات الآلاف، إلى مواطنين من الدرجة الثانية يتمتعون بحقوق منقوصة عن حقوق المواطنين الآخرين، كما سيحولهم إلى جاليات أجنبية في بيئتهم، لا رأي لهم فيها، ولا حق لهم في المشاركة في حياة ونمو مناطقهم، ولا دور أو وزن لهم فيها، وهو ما لا يوافق عليه المجتمعون الذين يتمسكون بحق المواطنين من أبناء هذه المذاهب في المشاركة الكاملة في حياة مناطقهم ومدنهم وقراهم.
خامسا: يرى المجتمعون في اعتماد طرح اللقاء الأرثوذكسي ما يعرض لبنان إلى مخاطر التفتت والزوال وما يشكل ضربا للأسس الفلسفية والتاريخية والاجتماعية والديمقراطية التي قام عليها، كما يشكل مخالفة لأحكام الدستور الذي يؤكد في الفقرتين " ط و ي " من مقدمته، "أن لا فرز للشعب على أساس أي أنتماء كان"، وعلى "أن لا شرعية لأي سلطة تناقض العيش المشترك"، كما يتعارض مع أحكام المادة / 27/ من الدستور التي تعتبر عضو مجلس النواب ممثلا للأمة جمعاء، وهم يساندون فخامة رئيس الجمهورية في موقفه الرافض لهذا الاقتراح المخالف للدستور.
فالنظام السياسي اللبناني يرتكز على الحياة المشتركة للبنانيين، مسيحيين ومسلمين، وبصورة خاصة بين مذاهب كل طائفة، بما يسمح لهم، بمختلف طوائفهم ومذاهبهم بالمشاركة في الحياة السياسية، عبر نظام يقوم على مبدأ وحدة الجسم الانتخابي المتعدد الطوائف، وليس على مبدأ الأجسام الانتخابية المنفصلة طائفيا. فالدولة الديمقراطية الواحدة هي الضمانة الحقيقية للوجود المسيحي الحر في لبنان، وكل خيار آخر قفزة في المجهول تعرض وجود المسيحيين وحقوقهم للإهتزاز والسقوط.
سادسا: ختاما، عند هذا المفترق الخطير من تاريخ لبنان يتوجه المجتمعون إلى اللبنانيين عموما بعيدا عن أجواء المزايدات والمناورات الإنتخابية، وإلى المسيحيين بشكل خاص، ليدعونهم إلى التبصر العميق في ما يتم تداوله، وتحديد أولوياتهم في ما يريدونه لهم ولأبنائهم ولوطنهم، والتخلي عن أوهام مشروع اللقاء الأرثوذكسي، والعمل الجدي على إنتاج قانون إنتخابي أكثر ملاءمة لتصحيح التمثيل المسيحي الفاعل دون تعريض وطنهم ووجودهم فيه للأخطار الجسيمة، وهو ما يؤكد المجتمعون تمسكهم به أكثر من أي وقت مضى. كما يدعو المجتمعون شركاءهم المسلمين في الوطن والمواطنية إلى المساهمة الفاعلة والجدية للتوافق على قانون إنتخابي يصحح الخلل ويحقق عدالة التمثيل وينسجم مع أحكام الدستور ويحفظ وحدة لبنان".
حوار
بعد تلاوة البيان سئل النائب حرب: هل هذا لقاء أو اجتماع جديد؟
أجاب: "هناك حاجة دفعت للقاء، والتقينا حول هذا الموضوع والقضية اليوم تنحصر في إعلان هذا الموقف".
سئل: هل لديكم بديل عن اقتراح اللقاء الأرثوذكسي؟
أجاب: "هناك طروحات عديدة مقدمة ولن نرتكب الخطأ في تقديم مشروع يرفض من أحد ما، نحن ندعو للتشاور بموضوعية بعيدا عن المزايدات في المشروع الذي يحقق صحة التمثيل المسيحي ويحافظ على وحدة لبنان".
سئل: هل ستتبنون مشروع الدوائر الخمسين؟
أجاب: "أنا شخصيا وقعت عليه".
سئل: هل هذا اللقاء هو لمواجهة اللقاء المنعقد في ساحة النجمة؟
أجاب: "اطلاقا، إنما لإعلان موقف من اجتمعوا حول هذه الطاولة".