مأزق جديد: الأسعار الكبيرة تجبر محطاتٍ على تغيير عدّاداتها - جريدة المدن - خضر حسان

 

 - Sep 23, 2021



 على بُعد أربعة أيامٍ من ارتفاع أسعار المحروقات، أصدرت وزارة الطاقة يوم الأربعاء 22 أيلول، جدول أسعار جديد حدّدت بموجبه سعر صفيحة البنزين من عيار 98 أوكتان بـ209300 ليرة، وعيار 95 أوكتان بـ202400 ليرة. فيما حدد سعر صفيحة المازوت بـ162700 ليرة.


رفع الأسعار خلال مدة زمنية قصيرة، هو انعكاس لفوضى التسعير الذي تتخبّط فيه الوزارة، والتي بدورها تأتي كنتيجة طبيعية للمقصد النهائي، وهو رفع الدعم كليًا عن المحروقات، ووضع القطاع أمام الدولرة، بدءًا من المستوردين فالموزّعين وأصحاب المحطات، وصولًا إلى المستهلكين. والجميع في تلك الحالة، سيبحث عن الدولار في السوق لاتمام عملية الشراء الخاصة به، فينفلت سعر الدولار بحكم ارتفاع الطلب عليه بشكل خيالي.

وما يثير القلق الإضافي، هو اضطرار بعض أصحاب المحطات لتغيير عدّاداتهم لتستوعب السعر الجديد. وهو ما ترفضه تلك المحطات بسبب الدولار.

تعقيد مفاجىء
يوم أمس، أكّد عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس، أن انفراجًا حصل على صعيد تأمين مصرف لبنان اعتمادات دولارية للبواخر التي بدأت بتفريغ شحناتها، وبالتوازي، بدأت بعض الشركات بتوزيع البنزين على المحطات. وانطلاقًا من السعر "الأخير" للمحروقات، الذي يعتمد على سعر 12 ألف ليرة للدولار، والذي حددته وزارة الطاقة في 17 أيلول، سيشهد السوق انفراجًا "يتخطى نهاية شهر أيلول".

فاجأت الوزارة البراكس والمواطنين بأسعار إضافية تستبق تحرير الأسعار بشكل نهائي. ما يُنذر بارتفاع جديد، على الأقل مرة أخرى قبل آخر الشهر.
ما لم يكن في الحسبان، هو اعتراض بعض المستوردين والموزّعين على التسعيرة الأخيرة، مطالبين بزيادة الأسعار أو تحرير السعر قبل آخر الشهر. فيما يرى البراكس أنه "كان من الأفضل تأجيل هذا القرار إلى الأسبوع المقبل ليتسنى للشركات ضخ كميات كافية في الأسواق، لتنفيس الاحتقان وإحداث بعض الانفراجات، بما أن الجدول الحالي لم يمضِ عليه بضعة أيام (صدر يوم الجمعة)".
المحطات أقفلت أبوابها، وأخرى كانت مقفلة مسبقًا "فلا مجال للبيع في ظل هذه الفوضى"، يقول أحد أصحاب المحطات لـ"المدن". ويضيف، أن الوزارة "لا تترك مجالًا للتنفّس، لا لأصحاب المحطات ولا للمواطنين، فالطرفان يدفعان الثمن ويشتبكان لأنهما الحلقة الأخيرة في سلسلة المحروقات. إذ أن الشركات المستوردة والموزّعين، ليسوا على علاقة مباشرة مع الزبائن. وفي أسوأ الأحوال، يمتنع المستورد عن التسليم ويخرج من المشهد، فتبقى المحطات في مواجهة الناس الذين يحتشدون أمامها مطالبين بالبنزين. وهذا السيناريو بات معروفًا".

وفي ظل إقفال المحطات على وقع الجدول الصادر اليوم، وطلب الجمارك من الشركات المستوردة عدم تسليم المحروقات لقياس المخزون في المستودعات، "يتعقّد الأمر أكثر ويعطّش السوق، وسنكون أمام تكرار للأزمة الأسبوع المقبل". وتضيف المصادر أن تحرير السعر "لن يحل الأزمة، بل سيضعها في مستوى جديد حين يدخل الدولار كعامل حاسم في تحديد الأسعار وبيع المحروقات. فالمستورد يريد ثمن بضاعته بالدولار، والموزّع كذلك، والمحطة تريده من المستهلك، والمستهلك سيبحث عنه في السوق.. فيحلّق سعر الدولار. ناهيك بالنقاش حول الكميات التي ستسلّمها الشركات، هل ستكون كافية أم لا. هل ستختفي السوق السوداء فعليًا؟".

ماكينات التعبئة
ارتفاع الأسعار ولّد تساؤلًا حول مصير الماكينات التي تستعملها غالبية محطات البنزين. فهي مبرمجة لتحتسب سعر الليتر الواحد، وأقصى سعر يمكن تدوينه هو 9999 ليرة لكل ليتر، أي أن الماكينة تستوعب 4 خانات فقط، وارتفاع الأسعار جعل سعر الليتر أكثر من 10000 ليرة، أي أن على الماكينة استيعاب 5 خانات.

ولتبسيط المسألة، فإن أعلى سعر وصلت إليه المحروقات، هو 180 ألف ليرة للصفيحة، أي لـ20 ليتر. ما يعني أن الماكينة تتبرمج على احتساب الليتر بسعر 9000 ليرة. ووفق السعر الجديد، أي 209300 ليرة، على الماكينة احتساب الليتر بـ10465 ليرة، وهي لا تستقبل 5 خانات. وبالتالي على صاحب المحطة "تغيير شاشة الماكينة وما يُعرَف بكف الكهرباء الخاص بها. وعليه شراؤها بالدولار. وهذا أمر غير منطقي".
المحطات أمام احتمالين، إما تغيير ما يلزم وتكبّد أسعاره بالدولار، وإما "تقسيم الكمية التي يريد الزبون شراءها، حسب ما يمكن للماكينة احتسابه، وهو أمر مرفوض لأن صاحب المحطة ليس لديه الوقت ليُجري مثل هذه العمليات، فضلًا عن كونها مرهقة وتسبب الفوضى والضياع مع حجم الضغط الذي تتعرض له المحطات في هذه الأزمة. فتفضّل المحطات الإقفال على الدخول في هذه الدوامة".
ويقول صاحب المحطة إن "وزارة الطاقة والحكومة ككل، لا يأبهان بما قد يحصل في السوق. فحتى تحرير الأسعار لا يحل الأزمة، ما لم تُحَدَّد آلية الدفع واحتساب سعر صرف الدولار الذي سيتغيّر يوميًا وأحيانًا لأكثر من مرة في اليوم الواحد.. وفي ظل هذا التخبّط، سيصبح القطاع النفطي عبارة عن سوق سوداء فعلية".

أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة