رواج السجائر "الوطنية".. وتهريبها إلى سوريا يوفر عملة صعبة - جريدة المدن - قاسم مرواني

 

 - Jul 19, 2021



 في دراسة تعود إلى العام 2018 (أعدتها "مؤسسة من أجل عالم خال من المدخنين)، بلغت نسبة المدخنين في أوساط الذكور اللبنانيين ممن تجاوزت أعمارهم 18 سنة، 57 في المئة، في مقابل 48 في المئة من النساء المدخنات. وهذه نسبة تعتبر الأعلى في العام.


تبغ الجنوب (اللّف)
وفي بداية الأزمة الراهنة، تسبب انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية بارتفاع أسعار السجائر المستوردة والمحلية على السواء أضعافاً مضاعفة بالعملة اللبنانية.

لكن بنسبة قليلة من اللبنانيين توقفت عن التدخين أو خففت منه. وهناك من لجأ إلى تدخين التبغ العربي (اللف). وهو التبغ المزروع في لبنان، حيث يصار إلى قطفه ووتجفيفه حتى ييبس، ومن ثم يباع وتُلفّ سجائره يدوياً. وهكذا انتشرت في البلدات الجنوبية تجارة التبغ المحلي.

ارتفاع مبيعات الريجي
لكن لا الغلاء ولا تجارة التبغ المحلي أثرتا على مبيعات إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية. وتشير مصادر في هذه الإدارة (الريجي) إلى ارتفاع كبير في نسبة مبيعاتها من السجائر المصنعة محلياً (من ماركة "سيدرز" خصوصاً). وتعود أسباب ذلك إلى لجوء كثرة من اللبنانيين إلى تدخين هذا النوع من السجائر المحلية التي تنتجها الريجي، لانخفاض أسعارها، مقارنة بالسجائر المستوردة. وهناك سبب آخر لتزايد مبيعات الريجي: تهريب التبغ من لبنان إلى الدول المجاورة، خصوصاً سوريا والأردن.

وتنتج الريجي محلياً أصنافاً عدة من السجائر. فإضافة إلى الأنواع المختلفة من ماركة "سيدرز" (أرز)، حازت الريجي على رخصة إنتاج أنواع وماركات عدة وبيعها: ويست، غولواز، وينشستر، مارلبورو، كينت، دافيدوف، جيتان، ألور، وبريلينت سليم. ولا تختلف نكهات هذه السجائر عن مثيلاتها المستوردة من الماركة نفسها. فالمواد الأولية ونماذج النكهة والخلطة السرية ترسل من الخارج إلى الريجي، التي يقتصر دورها على التصنيع والتعليب والبيع. وانخفاض أسعار هذه الأصناف مقارنة بالسجائر المستوردة، جذب إليها المدخنين وكذلك المهربين.

تبغ بنصف سعر
وتتقاضى الريجي ثمن السجائر من التجار عملاً بالقاعدة الثلاثية التالية: ثلث السعر يدفع بالدولار الأميركي نقداً، وثلث آخر يدفع بموجب شيك مصرفي بالدولار القديم، وثلث ثالث يدفع بالليرة اللبنانية على سعر 3900 ليرة لبنانية للدولار. ومع احتساب الفروقات بين قيمة الشك المصرفي وقيمة الدولار الحقيقية وبين سعر 3900 وسعر السوق، نصل إلى نتيجة أن التاجر يوفّر نصف السعر الحقيقي.

فإذا كان سعر صندوق التبغ 900 دولار أميركي، فإن الريجي تتقاضى من التاجر 300 دولار نقداً، و300 دولار بموجب شيك مصرفي يشتريه التاجر بحوالي 75 دولاراً و 300 دولار على سعر 3900 ليرة، أي 58 دولاراً (على سعر صرف 20 ألف ليرة للدولار). والنتيجة يدفع التاجر 433 دولار بدل 900 دولار أميركي.

ويُهرب إلى سوريا
وقبل الأزمة الراهنة في بلادهم، اعتاد اللبنانيون على شراء السجائر المهربة من سوريا أو عبر المرفأ أو المطار إلى السوق اللبناني، بأسعار أرخص من السعر الرسمي.

لكن القاعدة التي اعتمدتها الريجي في الدفع، قلبت هذا الواقع، بعدما أصبحت أسعار السجائر المصنعة محلياً أرخص من مثيلاتها المستوردة. وأدى ذلك إلى عكس اتجاه التهريب: من لبنان في اتجاه سوريا والأردن.

ويبلغ سعر صندوق السجائر من نوع "سيدرز" في لبنان 190$. أما في سوريا فسعره 220 $. أما صندوق المارلبورو فسعره في لبنان 500 $، ويصل سعره في الأردن إلى 1200$. وما ينطبق على أنواع هذه السجائر ينطبق على غيرها، كذلك على أسعار المعسل والتنباك. فالتاجر يشتري صندوق المعسل في لبنان بحوالى 270 $ ويبيعه في سوريا بسعر يصل إلى 310 $.

الدولة الخاسر الأكبر
وبعدما حصلت إدارة حصر التبع والتنباك اللبنانية في العام 2015 على رخص تصنيع وبيع ماركات السجائر العالمية، بدأت تحصد اليوم ثمار نجاحها في التصنيع. ولعبت الأزمة الراهنة دوراً إيجابياً في ازدياد الطلب على المنتج الوطني. وارتفعت معه نسبة مبيعات الريجي، وبالتالي أرباحها. التجار بدورهم سعداء بالأرباح التي يجنونها من تهريب السجائر إلى سوريا، على ما يقول أحدهم: "نحن بحاجة إلى مليوني دولار يومياً نؤمنها عبر التهريب، ونرفد لبنان بالعملة الصعبة".

أما الخاسر الوحيد في هذه العمليات فهي الدولتان اللبنانية والسورية، اللتان تخسران الرسوم الجمركية التي يحرمهم إياها التهريب.

أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة