بعض المصارف تُشارك فــي لعبة المتاجرة بــالــدولار لـمزيــد مـن الأربــاح ما قام بـه شقير تـشريع لـلـنـهـب المنظّـم...وأهـل الـسلـطة مُتواطئون أو مُستفيدون؟ - جريدة الديار - حسن سلامه

 
 - Jan 16, 2020



 كل المؤشرات المالية والنقدية والاقتصادية والحياتية، بالتوازي مع انعدام المسؤولة لدى اهل السلطة بالجملة والمفرق - رغم بعض الاختلاف في المقاربة للواقع المأزوم - تؤكد ان البلاد تتجه بسرعة نحو الهاوية العميقة، ونحو انهيار ما تبقى من مقومات «التنفس الاصطناعي» للبنانيين وجاء توسع الانتفاضة الشعبية اعتباراً من يوم امس ليشير بوضوح الى مدى الدرك والخطر الذي وصلت اليه اوضاع لبنان واللبنانيين، حيث يضطر مزيد من اللبنانيين للنزول الى الشارع تحت وقع المعاناة التي يرزح تحتها المواطن.

وما يؤكد على ان الواقع الداخلي بلغ حافة الافلاس والانهيار الكاملين - وفق سياسي مطلع - ان لا شيء جوهرياً تغير في الاداء السياسي للقوى السياسية المختلفة، فيما كل الاداء في مقاربة الانهيار المتمادي ما زال هو نفسه الذي سبب الكارثة الداخلية، بل ان بعض هذا الاداء يمعن في نهب المال العام، كما هي الحال في وزارة الاتصالات في وقت تسوء يوماً بعد يوم حياة المواطن وافتقاده لابسط مقومات حياته اليومية، من رغيف الخبز الى الدواء والى كل تفاصيل الحاجيات الضرورية الاخرى.

فعلى المستوى السياسي، يلاحظ السياسي المذكور - ان كل القوى السياسية استقالت من مسؤولياتها، وما تكرره هذه القوى من «كليشيهات» سياسية حول رغبتها بالانقاذ على طريقة «أُكلت يوم أُكل الثور الابيض» حيث كل فريق سياسي يراهن على ان يقوم «الاسد الملك بأكل الثور الابيض»، حتى لا يأتي الدور عليه... لكن كل القوى السياسية في حال استمرار مراهنتها بان تأكل الازمة خصومهم فهي ستجد ان الازمة ستأكلها، كما فعل الاسد مع الثيران الاربعة وهذه الحكاية التي تضمنها كتاب «كليلة ودمنة» تنطبق اليوم، على سياسة «طمر الرؤوس في الرمال» التي تعتمدها القوى السياسية من خلال الآتي:

1- ان الرئيس المكلف حسان دياب الذي «رمى كرة نار» التأليف في مرمى الاطراف السياسية التي سمته لرئاسة الحكومة، دون وضع النقاط على الحروف وتحديد المعرقل والذي يضع «فيتوات» ويريد حصصاً، ورغم البيئة الطيبة للرئيس المكلف - وفق تأكيد المصدر - فإن الحاجة الى حكومة حتى من التكنوقراط والمستقلين، لن تكون اكثر من «شاهد زور» على بلوغ الانهيار الكامل، في حال لم يكن لها غطاء سياسي للقيام بإجراءات جذرية وشاملة للعلاج حتى لو نالت ثقة مجلس النواب، حتى ان كثيراً من مواقف ولاءات الرئيس المكلف يبدو ان غايتها دخوله في نادي رؤساء الحكومة السابقين، بالمعايير نفسها التي تعاطى بها سلفه من حيث النظرة الضيقة لصلاحيات رئيس الحكومة، مع ان الواقع الجديد يفترض معايير مختلفة وعدم التوقف عند امور شكلية، في حال وجودها، لان مصير البلاد واهلها، اهم بكثير من اي نظرة احادية لامتيازات تخص هذا الموقع او ذاك، وبالتالي يخلص المصدر السياسي للقول ليس هكذا تساس «الابل»، خصوصا من حيث ما تنص عليه المادة 64 من الدستور فعلى الرئيس المكلف التواصل مع الكتل النيابية المختلفة والتداول معها في شأن تشكيل الحكومة ويطلع على ارائها ويستمع الى مطالبها... ويأخذ بالاعتبار هذه المطالب دون ان يكون مقيداً بتفاصيلها.

2- التعاطي من جانب بعض الاطراف التي دعمت الرئيس المكلف لحصوله على اغلبية نيابية فخطورة الازمة من جهة وما انتجه منطق المحاصصة في الحكومات السابقة من جهة ثانية، يفترض من هؤلاء الخروج من منطق المحاصصة او ما شابه، باستثناء الصلاحية التي أعطاها الدستور لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون من حيث التزام الرئيس المكلف بالتواصل معه... ويتداول معه امر تذليل الصعوبات، وبالتالي يتم تشكيل الحكومة بالتوافق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، شرط ان لا يتجاوز اي منهما الصلاحية المنوطة بهما، لما لذلك من استتباعات سلبية على الدستور، والواضح في هذه المسألة ومما تشير معطيات المصدر اليه ان حزب الله الذي قدم كل التسهيلات للرئيس المكلف، للنجاح في مهمته بينما كان على الاخير من جهة والاطراف الاخرى من جهة ثانية عدم استغلال ما ابداه الحزب من ايجابية غير محدودة امام تشكيل الحكومة لوضع الفيتوات والعراقيل، فهذه السياسة من شأنها ان تحمّل حزب الله مسؤوليات يتحملها الآخرون، ما يفترض من قيادة الحزب عدم الصمت على تأخير تأليف الحكومة، فالواقع المأزوم يستدعي وضع النقاط على الحروف قبل فوات الاوان.

3- استقالة الاطراف السياسية المعترضة على تكليف دياب من دورها في عملية الانقاذ، فبدل أن تقوم هذه القوى والاطراف بدورها ومسؤولياتها، بما يتيح الحد من المناكفات ورمي الكرة في ملعب الآخرين، تتعمد هذه الاطراف الايغال في رفع المسؤولية عنها، وعن ممارساتها السابقة، إن من خلال «إطلاق النار» السياسي على خصومهم السياسيين من الداعمين لتكليف دياب، وان من حيث «الرقص على حافة الهاوية» وكأن إنقاذ البلاد يكون بإطلاق المواقف السلبية من هنا، والحديث عما يعتبرونه أخطاء خصومهم في التأليف وما قبل التأليف، بينما في ممارساتهم يسرّعون الانهيار، على قاعدة المثل القائل «يتحدثون عن الطيبة ويمارسون الخداع بمنتهى الابداع»، لان المسألة اليوم ليست حصة في تشكيل الحكومة، او تقاسم جبنة من هناك، فالبلد وشعبه باتا في لهيب الازمة ونيرانها، مثل الذي يمارس الرقص على الميت.

واما، ما يقوم به أهل السلطة وكل المحظيين والمتنفذين في مواقع الدولة، فليس أفضل حالاً مما هو حاصل على مستوى الاداء السياسي والمقاربة للخروج من الازمة، حيث يشير المصدر السياسي المطلع الى ان كل المعنيين، إما متواطئون وصامتون، وإما ان منطق السمسرات والصفقات ما زال هو نفسه في ادائهم وطبيعة ادارتهم للمسؤوليات التي يتولونها، فكل هذا الاداء الذي يحصل عن تعمّد او نتيجة استقالة من المسؤولية يفاقم يومياً من ازمات لبنان واللبنانيين، ومن اي امكانية للحد من الخسائر، وهذا التعاطي ينطبق على كل امور المواطن، وعلى مصالح الدولة، بحيث يلاحظ المصدر المذكور أن التقصير، ومنطق استشراء المافيات هو الذي يدير كل مقومات الدولة وحاجات المواطن، متوقفاً عند بعض المحطات الاساسية ومنها:

1- تلكؤ الحكومة ورئيسها عن تصريف الاعمال، بما يحدّ من الخسائر الضخمة التي تتحملها البلاد ومعها كل اللبنانيين، رغم ان تصريف الاعمال ليس الحل، وليس هو القادر على إنقاذ البلاد، وانما المسؤولية الوطنية في ظل دوران تشكيل الحكومة في الحلقة المفرغة، قيام رئيس الحكومة المستقيل وحكومته بتصريف الاعمال، ضمن أقصى حدود ممكنة.

2- تصرف بعض الوزراء، وكثير من المعنيين في مرافق الدولة وكأن البلاد في أحسن احوالها، من حيث الاصرار على انفاق المال العام دون حسيب أو رقيب، وما قام به وزير الاتصالات محمد شقير من خلال تمديد عقدي شركتي «أوراسكوم» و«زين» لادارة شركتي الخليوي رغماً عن ارادة لجنة الاعلام والاتصالات النيابية ورغما عن ارادة الناس التي عبّرت عنها الانتفاضة الشعبية، ورغم كل مكامن الهدر والسمسرات والصفقات من جانب ادارة الشركتين طوال عشرين سنة، يؤكد مدى الاستهتار بحقوق الدولة، وبكل الدعوات للاصلاح وعدم التمديد لادارة الشركتين، ما يستدعي تحركاً جدياً وحازماً من جانب كل الجهات المعنية، من مجلس النواب، الى القضاء، الى رئيس الجمهورية لوضع حد لعقلية ادارة الدولة ومرافقها وكأنها محميات خاصة للوزير شقير وغيره من المحظيين بالقضاء السياسي والمذهبي.

3- ما يحصل من تفلت لمافيات الدولار والنهب المنظم لحاجات المواطن وقضاياه الاساسية، والمصارف تتنصل من المسؤولية عن فقدان السيولة بالدولار وتفلته لدى الصيارفة، بينما كل المسؤولين والمعنيين بالوضع المالي والنقدي على معرفة كاملة بأن بعض المصارف والمتنفذين فيها يشاركون في لعبة المتاجرة بالدولار لجني مزيد من الارباح غير المشروعة، ناهيك بتقاعس معظم الوزارات المعنية عن القيام بالحد الادنى المطلوب لتأمين السيولة بالدولار للحاجات الاساسية، من جهة، ومنع الاحتكار والارتفاعات الخيالية لاسعار السلع والمواد الغذائية والضرورية، كما أن كل الجهات السياسية والرسمية في الدولة تتعاطى مع الواقع المأزوم وتداعياته وكأن على «رؤوسهم الطير».

أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة