سلامة: نتأمل ان تتشكل حكومة تدخل على مشروع اصلاحات لخفض حجم القطاع العام - جريدة اللواء

 
 - Nov 12, 2018



 رعى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في الصرح البطريركي في بكركي اليوم الثاني والأخير من اعمال المنتدى الإقتصادي الإجتماعي الاول لبكركي، في حضور ومشاركة اساقفة الرعايا في بلدان الإنتشار وفعاليات اقتصادية واجتماعية من لبنان وبلاد الإغتراب.


افتتحت اعمال المنتدى، بعدما رفع الراعي الصلاة ورحب بحاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة وبالحضور.

وكانت للإعلامي كريستيان اوسي الذي قدم لأعمال المنتدى على مدى يومين كلمة شكر فيها للراعي رئيس المؤسسة البطريركية المارونية للانماء الشامل "الراعي والحاضر والمستقبل، حضوره ومشاركته في كافة اعمال المنتدى منذ انطلاقته حتى ختامه".

كما وجه اوسي الى نائب رئيس المؤسسة الدكتور سليم صفير واعضاء الهيئة التنفيذية ومجلس الأمناء تحية شكر على "ما ابدوه من تعب في سبيل تثبيت الحضور المسيحي تحقيقا للبنان التنوع موئل التعايش بين الأديان والحضارات."

ثم قدم لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وقال: "الترحيب بشخصية نفتخر كلنا بوجودها معنا. لقد تحمل المسؤولية في ظروف صعبة فكان الملاذ وخشبة الخلاص. انه شخصية يعلق كل اللبنانيين عليه املهم لضمان مصيرهم النقدي ومصير وطنهم الإقتصادي. وهنا لا بد من ذكر ما قاله عنه يوما الدكتور سليم صفير واصفا طبيعته بانها سيدة نفسها اعصابه فولاذية وبصيرته ثاقبة وهو يتوقع ما هو مقبل. في الزمات لا يتصرف كعادي ابدا يرى الأمور من علو ويحللها افقيا وعاموديا يتفاعل بعقله وبحكمة يقدم الحل المطلوب. وعلى الرغم من ازمات لبنان حدد رياض سلامة خط سيره: الثبات النقدي واعادة الثقة بالعملة الوطنية والقطاع المصرفي. ولبنان بوضعه الإقتصادي رهن يديه." 

سلامة

والقى سلامة الذي حضر بصفة ضيف شرف، وقال: "منذ العام 2015، نواجه حملات ترتكز في جزء كبير منها على واقع يعيشه لبنان سياسيا واقتصاديا. كما ان هذه الحملات ترتبط ايضا، بشكل او باخر، بالقرار المتخذ للتصويت على قانون في الولايات المتحدة لمكافحة تمويل حزب الله عالميا. واعتقد انه انطلاقا من هذا القانون، حصل تغيير في التعاطي مع لبنان ان كان ماليا او نقديا، واختلفت القواعد التي كان لبنان يعمل على اساسها ما قبل هذا القانون. وبات هناك اهتمام اكبر بالاعلام، إما الدولي او في المنطقة، والذي عندما تكون هناك مفاصل اساسية نجد انه تنشر تحليلات وتقارير، وحتى تنظم حملات، عن الوضع الاقتصادي والاستقرار النقدي في لبنان".

وتابع: "نحن في لبنان لدينا داخليا معطيات تساعد على هذا الامر. فالواضح ان عجز الموازنة الذي يعلن عنه مرتفع اكثر من امكانات لبنان، يضاف اليه عجز اخر مهم ايضا وهو ذاك الناتج عن الاستيراد اي العجز في الحساب الجاري. هذان العجزان المزدوجان يفرضان ضغطا دائما على معدلات الفوائد وعلى امكانات التمويل الداخلة. فعجز المالية العامة الذي ارتفع بعد اقرار سلسلة الرتب والرواتب يجب ان تموله الدولة، لكن تمويله بات اكثر تكلفة وخصوصا ان الفوائد عالميا ارتفعت، وواكبتها معدلات الفوائد في لبنان ولكن بمستوى اعلى، بمعنى ان الحاجات الموجودة لتمويل الدولة باتت اكبر بكثير. فالاموال تتوجه الى الخارج لاننا نستورد بما قيمته مليار دولار ولا نصدر الا بملياري دولار فقط. وبالتالي فان معظم الاموال الموجودة او تلك التي تتحقق من الاقتصاد اللبناني تخرج من لبنان لتمويل متطلبات الاستيراد".

واضاف سلامة: "هذه الوقائع تتطلب ان تكون هناك حركة اصلاحية تسهم في تصغير حجم القطاع العام الذي بات عبئا كبيرا على الاقتصاد، وتخلق ثقة من خلال هذه الاصلاحات لجذب الاستثمارات. وفق الارقام، فاننا خلال السنوات الاربع اصبح العجز المتراكم للدولة يناهز ال20 مليار دولار. اي انها اموال اضطرت الدولة الى ان تنفق اكثر من ايراداتها بهذا المبلغ. وفي المقابل، لم يزد الناتج المحلي الا بقيمة 4 مليارات دولار فقط. بمعنى اخر اننا ضخينا مبلغ 20 مليار دولار في الاقتصاد ولم يعط نتيجة في الناتج المحلي لكي يتعدى ال4 مليارات دولار. اي اننا لم نستطع ان نسجل العجز الذي يمكن ان يخلق استثمارات وفرص عمل بل هو في معظمه عجز يصب في الهدر".

وقال سلامة: "امام هذه الصورة، فان مصرف لبنان، ومن ضمن ما يسمح به القانون، اتخذ خيارات واضحة للمحافظة على الاستقرار النقدي بحيث يبقى لدينا مخزون من المال نحركه بشكل حر وطلق من خلال احترام القوانين الدولية وذلك ريثما نصل الى مكان تصبح هناك امكانية للاستثمار. ولتحقيق هذه الاهداف، كان مصرف لبنان واقعيا جدا. نحن نعترف ان الاقتصاد اللبناني مدولر، وهذا يعني ان الاولوية في سياستنا النقدية ستكون استقطاب الدولارات نحو لبنان، فاذا لم تكن هناك كميات وافرة من الدولارات في لبنان لن يكون هناك اقتصاد في لبنان. ف75 في المئة من العمليات التي تتم في لبنان هي بالدولار. ولاستقطاب الدولارات هناك اسس يجب ان نعمل عليها وهي، اولا المحافظة على الثقة. والحجر الزاوية للمحافظة على هذه الثقة هو استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية واحترام توجه السوق في تحديد معدلات الفوائد. فالفوائد، كما ذكرت، ارتفعت عالميا وفي لبنان لكن بنسبة اكبر من تلك التي ارتفعت فيها عالميا نظرا للمخاطر التي يعيشها وللازمات السياسية التي يمر بها. هذه المخاطر لها علاقة بالوضع في المنطقة فيما الازمات السياسية تترجم في التأخير بتشكيل الحكومة".

وتابع: "ان الاقتصاد بشكل عام يتأثر بالفوائد، ولكن هذا التأثر يبقى محدودا. بمعنى أن هناك عناصر اخرى مهمة كتوافر السيولة ونوعيتها، والمناخ السياسي، والاستقرار في القوانين، وضبط العجز العام لتعزيز الثقة لدى المستثمرين. كلها عناصر توازي اهميتها اهمية الفوائد. لذا، اذا أردنا أن نحقق نموا اقتصاديا لا يجب أن ننظر الى مستوى الفوائد فقط. كذلك، فان المنطقة تعاني اليوم. فالنمو في منطقة افريقيا الشرق الاوسط العام 2018 هو في حدود 2 في المئة. وفي لبنان، فان النمو قريب من نسبة ال2 في المئة وذلك رغم أن فوائدنا مرتفعة اكثر، وذلك لاننا حافظنا على عنصر الثقة. ولكن اقتصادنا قادر على النمو بشكل اكبر، لو توافر الاستقرار السياسي".

وعرض سلامة لأمثلة عن محدودية الفوائد على النمو، لافتا الى انه "في مصر تراوح معدلات الفائدة بين 18 و20 في المئة اليوم، لكن الاقتصاد المصري يحقق نموا اعلى مما يحققه لبنان او في الدول العربية الاخرى، فهو يصل الى حدود ال5.5 في المئة. واذا اخذنا ايضا دولا اهم من لبنان كانلكترا مثلا، فان الفوائد فيها هي صفر ولكن المشكلات السياسية وما نتج عن بريكست تجعل الاقتصاد يتراجع ولا ينمو. هذا لاقول ان الفائدة ليست دائما هي الاساس للاقتصاد، وانه لا يجب ان نربط النمو في الاقتصاد بمستوى الفوائد، او ان نقول انه يجب خفض مستوى الفوائد لكي ينمو الاقتصاد".

وتابع: "بما ان الاقتصاد اللبناني مدولر، فهو لا يستفيد ابدا من خفض قيمة الليرة، لذلك نحن متمسكون بهذا الاستقرار. فالاستقرار في سعر صرف الليرة يعطي ثقة لوضعنا المالي والاقتصادي، كما يؤمن مدخولا لمن يملك اموالا بالليرة. واذا نحن خفضنا سعر صرف الليرة، كما يقول البعض، فان الاقتصاد اللبناني لن يستفيد ابدا، لانه مدولر وأي خفض سيسبب زيادةً في التضخم وفي معدلات الفوائد والأجور، ويفضي إلى نتيجة واحدة هي فقدان الثقة والركود الاقتصادي. كما ستكون عواقبها مؤلمة جدا. فلننظر الى ما حصل في تركيا اخيرا من انخفاض سعر صرف عملتها وهو ما تسبب بزيادة التضخم ومعدلات الفوائد إلى 25 في المئة، وبتراجع النمو الاقتصادي. كما خفضت الوكالات الدولية تصنيف تركيا، إذ اعتبرت ان انخفاض العملة يزيد من صعوبة استقطاب الرساميل الأجنبية إلى تركيا".

ورأى سلامة: "اننا مرتاحون الى الاستقرار في سعر صرف الليرة وبالنموذج اللبناني القاضي بالحفاظ على ثبات سعر صرف الليرة، والذي يستخدم الدولارات المؤمنة بفضل الثقة ولا يعتمد النموذج اللبناني على عائدات الموارد الوطنية باعتبار أن لبنان ليس لديه موارد من المواد الأولية، وليس لديه دولارات محصلة من الصادرات. 
 لقد اقرض القطاع المصرفي القطاع الخاص بما يساوي 60 مليار دولار وهذا يشكل حجما اكبر من حجم الاقتصاد اللبناني البالغ 45 مليار دولار. يقال الكثير ان اموال المصارف تذهب الى تمويل الدولة، فهذا الرقم يظهر ان جزءا منها يذهب الى تمويل الدولة ولكن معظم هذه الاموال موضوعة في سوق التسليف في لبنان. فنحن، ومن خلال الهندسات المالية التي قمنا بها، استطعنا ان نستقطب الاموال وهي افادت الاقتصاد، وسنتابع بهذه السياسات التي تعطينا النتائج المطلوبة".
واردف: "ان الفوائد في لبنان ستظل مرتفعة لا سيما أن زيادة الأجور في القطاع العام وارتفاع أسعار النفط دفعت بالتضخم إلى أكثر من 7%. والمخاطر التي نواجهها، سياسية كانت أم مالية، تتطلب ان نحترم ارادة السوق. واليوم السوق تتطلب فوائد. ولكن هنا ايضا ان اوضح بعض النقاط: ان معدلات الفوائد في لبنان اليوم أعلى ممّا كانت عليه منذ سنة. في تشرين الثاني 2017، عمد مصرف لبنان إلى رفع الفوائد بسبب الأزمة السياسية التي ولّدتها استقالة دولة الرئيس سعد الحريري أثناء تواجده في المملكة السعودية. كان رفع الفوائد ضروريا آنذاك في ظلّ ضغوط السوق. تحمّلنا حينها تكلفة زيادة الفوائد للمودعين وتأكدنا أن المودع وليس المصرف، هو المستفيد من هذه الزيادات. بعدها، خلال سنة 2018، ارتفعت معدلات الفوائد في الولايات المتحدة وفي الأسواق الناشئة. ولجأ مصرف لبنان الى عمليات مالية من شأنها أن تصون قدرة المصارف اللبنانية التنافسية على استقطاب الرساميل. هذه العمليات المالية بقيت محدودة ولم تشمل أكثر من 1% من مجموع الودائع في لبنان. لذا فان معدل الفوائد على الودائع المصرفية هو 4.7% على الودائع بالدولار و7.65% على الودائع بالليرة. أما الفوائد على القروض فبلغت 8.12% +1/2 % على الدولار على سنة و9,13 % + 1% على الليرة على سنة، وهي فوائد ادنى من الفائدة المرجعية لجمعية المصارف بسبب تأثير الفوائد المدعومة من مصرف لبنان. وبالتالي ان على الموازنة والاقتصاد ان تتأقلم مع واقع عدم خفض الفوائد".

وتابع سلامة: "ان القطاع المصرفي في لبنان متين، ونحن عملنا مع المصارف ان يكون لدينا قطاع مستوف لكل الشروط المطلوبة دوليا وايضا ان يتمتع بملاءة وان يحترم القواعد الدولية. لان هذا القطاع اليوم بات يمثل نحو اربع مرات حجم الاقتصاد وصار ايضا هو قطاع يخدم اللبنانيين المقيمين وغير المقيمين. ونحن ملتزمون السياسة نفسها في منع حصول اي افلاس في القطاع المصرفي، ومن يواجه اي مشكلة لدينا قوانين تسمح لنا بالمساعدة على دمجه مع مصرف اخر قادر. كما ان تطبيق المعايير الدولية وخصوصا الـIFRS9 تم والمصارف اللبنانية مستوفية كل الشروط المطلوبة. كما تتمتع بنسبة ملاءة مرتفعة بحيث تعدت ال 15 في المئة بالنسبة الى مقررات بازل 3. وهذه الملاءة من اعلى المستويات الموجودة عالميا. كما ان لبنان طور نظام امتثال يساعدنا على تطبيق العقوبات التي نحن ملتزمون بتطبيقها. لقد بات لبنان مستوفيا كل شروط الامتثال ولدينا كل القوانين لمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب، وهذا باعتراف دولي. وعلاقتنا جيدة مع كل الجهات الخارجية وهذا الامر اساسي لان لبنان بلد بعيش على التحويلات والتجارة وسهولة التحويلات اساسية للاقتصاد اللبناني".

وختم سلامة: "اليوم عالميا، هناك تسع مصارف تنفذ كل التحويلات الدولية، فاذا لم تكن المصارف اللبنانية قادرة على ان تتواصل مع احد هذه المصارف فعملها سيتوقف في بيروت. ولذا المصرف المركزي كان دائما حريصا على احترام القوانين الدولية والتوصل الدائم مع السلطات في الخارج وحض جمعية المصارف الى التواصل مع هذه المصارف الكبيرة في الخارج، وهذه الخطة نجحت. فليس لدينا في لبنان اي مصرف واجه صعوبات في تحويلاته الى الخارج وهذا امر ليس سهلا في دول اخرى افريقية او شرق اوسطية. فنتأمل ان تتشكل حكومة تدخل على مشروع اصلاحات لخفض حجم القطاع العام وخفض العجز بعامة، وان يكون هناك بداية تطبيق لمقررات مؤتمر سيدر التي نعلم جميعا ان نتائجه لن تكون سريعة، ولكن بداية تطبيقه تمنح ثقة للسوق. ونحن نؤكد دوما ان مصرف لبنان يملك الامكانات وهو يريد استمرار الاستقرار حتى نصل الى ان تصبح الدولة في مكان قادرة على القيام بما يفيد الاقتصاد وسوق التوظيف".

صفير

بدوره، رحب نائب رئيس المؤسسة البطريركية المارونية للإنماء الشامل الدكتور سليم صفير بالدكتور سلامة، مشيدا "بدوره المشهود في تركيز الثبات النقدي للعملة الوطنية في الظروف الصعبة ما سمح للبنان بقطاعيه العام والخاص الحفاظ على حد مقبول من الإستقرار".

كما اشاد بدور سلامة "في اصدار الإجراءات والتعاميم التي مكنت القطاع المصرفي من لعب دور رائد في تطوير الإطار الإقتصادي بالتوافق مع التدابير المالية العالمية".

ثم كان عرض لوثائقي عن سيدة لبنان تلته شهادة لمغترب لبناني من الشوف شدد فيها على تعلقه الكبير بارض الوطن الأمر الذي دفعه الى الإستثمار في بلدته من خلال مشاريع زراعية وانمائية لخلق تعاونيات وتربية مواشي تؤمن فرص عمل لعدد من ابنائها وتفتح المجال امام تحقيق افكار جديدة تنعش اقتصاد المنطقة وهي اتت على شكل مبادرات فردية خاصة.

الجلسة الخامسة ومداخلات

بعدها، افتتحت الجلسة الخامسة بعنوان "التحديات والفرص المستجدة وكيفية التعاطي معها"، وكانت مداخلات لإقتصاديين من لبنان والإنتشار شددوا فيها على "اهمية الإستثمار في لبنان في كافة القطاعات الأمر الذي يربط ابناء الإغتراب بالوطن الأم وينعش الدورة الإقتصادية في لبنان ليس فقط من خلال ارسال اموال المغتربين وانما ايضا من خلال تنفيذ مبادرات تخلق فرص عمل للشباب في ارض الوطن. وكان تشديد على ضرورة تشكيل حكومة في اسرع وقت ممكن من اجل تطبيق مؤتمر سيدر الذي ينعش الحياة الاقتصادية في لبنان".

بيان ختامي

وفي ختام اعمال المنتدى، اصدر المجتمعون بيانا ختاميا جاء فيه: "بمبادرة كريمة من غبطة البطريرك السابع والسبعين لأنطاكية وسائر المشرق للموارنة، نيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، رئيس المؤسسة البطريركية المارونية العالمية للإنماء الشامل، نظمت المؤسسة المنتدى الاقتصادي - الاجتماعي الدولي الأول من نوعه في لبنان.

لبى الدعوة إلى هذا المؤتمر الذي عقد على مدى يومين، في بكركي، مشكورا، كل من أساقفة الأبرشيات المارونية في العالم، وشخصيات اقتصادية ورجال أعمال من اوستراليا، الولايات المتحدة الاميركية، كندا، البرازيل، الارجنتين، المكسيك، ومن بلدان أوروبا، وافريقيا، لاقاهم من لبنان عدد كبير من نظرائهم العاملين في مختلف المجالات.

ترأس الراعي المؤتمر، وحضَّ المشاركين على أبواب الذكرى المئوية السنوية الأولى لتأسيس لبنان الحديث، بجهود البطريرك الياس الحويك، إلى "استلهام الماضي، لنبني معا المستقبل".

عرض المجتمعون من خلال منصات النقاش التي جمعت الكثير من أهل الإختصاص من المنتشرين والمُقيمين، أفكاراً ومشاريع، بهدف صياغة تَصَوُّر مُستقبَلي مَبني على الخُبرات والتجارب المكتسبة، كما ناقشوا الأوضاع الصعبة التي يعيشُها اللبنانيّون، خصوصاً المسيحيّين، انطلاقاً من أن رسالة المسيحيّين الحضاريّة في لبنان والشرق الأوسط، تستوجب توفير سُبُل دعمهم، حفظاً للتنوع الذي جَعَلَ من هذا الوطن مُختَبَراً حياً للتفاعُل بينَ الأديان والحضارات ورداً صريحاً من كل مكوناته، مُسلمين ومسيحيين، على دعوات الإلغاء والتكفير وموجات العنف التي تلف المنطقة. فلبنان منذ أن كان، أرسى ثقافة التعددية والديمقراطية والاعتراف بالآخر، وكان المسيحيون فيه هم الرواد.

 

أبدى المجتمعون إعجابهم بما تمكن لبنان من المحافظة عليه، من مستوى علمي وحضاري وحتى اقتصادي، بالرغم من كل الأزمات الكارثية التي حلت فيه وأحاطت به، وما تسبب به توافد النازحين واللاجئين مع كل تداعيات هذا التواجد، وبالرغم من قيامه بواجبه الانساني والاجتماعي معهم في انتظار تسهيل عودتهم إلى بلادهم، مسجلين في الوقت نفسه تقديرهم لمستوى التعليم الجامعي والمدرسي والخدمات الاستشفائية، وما أسهم به كل ذلك من تخريج خيرة من النشَئ كان لها دورها في تطوير كل القطاعات في لبنان والمنطقة.

كما ناقش المجتمعون سلسلة من المشاريع الإنمائية - التربوية - الاجتماعية - الهادفة إلى تمتين شبكة الأمان الاجتماعي، تفعيلا للتنمية المستدامة، خصوصا في مناطق الأطراف، بهدف الحد من هجرة الشباب وصون العطاء الحضاري المستمر منذ أربعة عشر قرنا، ارتكازا على مبدأ العونة الذي ميز أهل لبنان.

وخلص المجتمعون إلى التوصيات الآتية:

1. تفعيل المنتدى ليصبح مؤسسة دائمة تعمل على دعم رسالة البطريركية المارونية في تثبيت الحضور المسيحي في لبنان، بالتعاون مع الطاقات المسيحية اللبنانية في العالم لتحقيق هذا الواجب، حفظاً لصورة لبنان التعددي التنوعي.

2. إنشاء أمانة عامة للمنتدى، وتقرر في هذا الإطار، بالأجماع إختيار راعي أبرشية أستراليا للموارنة سيادة المطران أنطوان -شربل طربيه لتولي هذه المسؤولية والطلب اليه تكليف ممثلين للأمانة في مختلف دول الإنتشار لجعل العمل تنفيذيا من خلال وضع خطة عمل استراتيجية للمرحلة المقبلة، مع العمل على جعل المنتدى هيئة فاعلة تعمل على عقد مؤتمرها بشكلٍ سنوي في لبنان. مع توسيع مروحة المشاركة لتشمل كل الطاقات الإغترابية والمقيمة، دعما للمشاريع الحياتية الأساسية لإحداث الفارق المرتقب في بناء حضورنا في المستقبل ومواجهة التحديات. وتقرر أن يكون الأمين العام المرشد الروحي للمنتدى.

3. التشديد على دور الشبيبة في لبنان ودول الانتشار كعنصر استمرار للتواصل، وحضهم على الانخراط في العمل الجماعي والتطوعي لغاية وطنية عليا، والسعي إلى بناء الثقة المتبادلة المبنية على مصداقية وشفافية مطلقة تصب في خدمة لبنان.

4. العمل على نشر فلسفة أهمية حضور لبنان، كعنوان لبقاء المسيحيين في الشرق من خلال دعوة المنتشرين وكنيسة الإغتراب إلى نشر المفاهيم، لتعي الأجيال الجديدة غنى تراث الأجداد والآباء، وحض المنتشرين على تكثيف زياراتهم وأفراد عائلاتهم إلى لبنان، وتفعيل التواصل.

وشكر الحاضرون الراعي على مبادرته، وللمؤسسة البطريركية المارونية العالمية للإنماء الشامل جهودها، وللمنتشرين غيرتهم ومشاركتهم الكثيفة في هذا المؤتمر بما يمثل تجسيدا للإرتباط الكينوني بلبنان ورفضا لليأس، متمنين المضي في هذه الخطة الطموحة الهادفة إلى خلق دينامية تفاعل مشتركة، تعمل على ترسيخ وجود لبنان مثالا للتنوع والغنى الحضاري وتحافظ عليه رائد تقدم ثقافي - اقتصادي - اجتماعي كما كان وكما يجب أن يستمر.

أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة