الثقة بالحوار ضعيفة.. وشعبية السياسيين في أدنى مستوياتها دراسة "آراء": أغلبية اللبنانيين تؤيد الحراك الشعبي - جريدة السفير 

 - Oct 13, 2015



 برغم مرور حوالي الشهرين على انطلاقته، ما زال الحراك الشعبي يحتفظ بزخمه وحضوره سياسيا وشعبيا، وليس الالتفاف الشعبي غير المسبوق بالنسبة لحراك مستقل عن سائر قوى السلطة، سوى تعبير عن أهمية القضية التي يحملها من جهة، وعن عجز السلطة عن إيجاد حلول فعلية للأزمات وآخرها أزمة النفايات من جهة أخرى. وهذا ما تظهره أرقام الدراسة الميدانية التي أجرتها "شركة آراء للبحوث والاستشارات" بين 28 أيلول و2 تشرين الأول 2015 على عينة من 500 شخص موزعين مناطقياً وديمواغرافياً بشكل مماثل للتوزيع السكاني في لبنان. وقد قام بتحليل النتائج ماهر أبو شقرا وأشرف عليها مدير "آراء" طارق عمّار.

 

أغلبية ترفض خطة النفايات
لا تلاقي خطة وزير الزراعة أكرم شهيب لحل قضية النفايات تأييداً شعبياً، إذ تبلغ نسبة مؤيديها 34% بينما يرفضها 41% فيما يؤيدها 3% بعد إدخال تعديلات عليها.
وليس مفاجئا أن أعلى نسبة رفض للخطة هي في منطقة الشمال بواقع 50% حيث تستمر التحضيرات لفتح مطمر سرار في عكار وفق ما نصت عليه الخطة. وتأتي محافظة البقاع، وهي المحافظة التي تتضمن المطمر الثاني(المصنع قبل أن يقترح بديل جديد عنه في الخطة)، في المرتبة الثانية من حيث نسبة الرفض للخطة وبواقع 43%. أما أبناء بيروت، فهم يؤيدون بأكثريتهم الخطة وبنسبة 57% لإعتقادهم أن لا حل في بيروت سوى بنقل نفاياتها إلى مطامر بديلة على شاكلة مطمر الناعمة سابقا.  
وليس مفاجئا أيضاً أن أدنى نسبة من الذين لم يعطوا موقفاً من الخطة سواء بالتأييد أو الرفض هي في محافظتي الشمال والبقاع اللتين يشعر معظم أهلهما بأنهم معنيون بهذا الملف.
ومن الملفت للانتباه أن نسبة الرفض للخطة لدى الجامعيين (45%) والذين وصلوا في تحصيلهم العلمي إلى المرحلة الثانوية على الأقل (46%) وهي أعلى بكثير مما هي لدى الذين ذوي التحصيل العلمي المتدني الذين تصل نسبة الرفض للخطة لديهم إلى 30% للذين وصلوا للمرحلة الابتدائية و37% لدى الذين لم يدخلوا المدرسة.
ويشير 54% ممن شملتهم الدراسة إلى أنه على الوزير شهيب بحث الخطة مع الحراك. بينما يقول 27% فقط بأنه عليه الاكتفاء بالتشاور مع المنظمات البيئية.  
ولعل محاولة الدولة تجاوز الحراك بوضع خطة بمعزل عنه وحصر مناقشتها مع خبراء بيئيين ليس سوى محاولة لتجنب دفع ثمن سياسي لأخطاء السلطة وإلتفافًا على دور الحراك الذي دفع الحكومة لإلغاء عقد "سوكلين" بعد عقود من التجديد والتمديد المتلاحق. واستطراداً، تتحمل الدولة مسؤولية إستمرار الأزمة التي تحاول حصرها بنقاش تقني بدلاً من الاستجابة لمطالبات جمهور الحراك الذي طالب بتغيير جدي في منهجية التعاطي مع الملفات الحياتية.
اللبنانيون يؤيدون الحراك
ما زالت نسبة التأييد الشعبي للحراك مرتفعة جداً إذ يؤيده 79% بينما يعارضه 18% فيما 3% ليس لديهم جواب أو لم يحددوا موقفهم بعد. وبرغم انخفاض نسبة التأييد بالمقارنة مع أرقام الدراسة التي أجرتها شركة "آراء" الشهر الماضي ونشرت في جريدة "السفير" بتاريخ 8 أيلول 2015 حين كانت النسبة 86%، فإن الحراك أظهر أنه مازال يتمتع بتأييد شعبي كبير.
  ولعل الأرضية المتينة للحراك حتى الآن، ليست مستمدة فحسب من موضوع النفايات، بل من النقمة الشعبية على السلطة بكافة مكوناتها كما تظهر أرقام الدراسة. لكن هذا الانخفاض في نسبة التأييد عن الشهر الماضي ينبغي أن يؤخذ بالحسبان إذ أن التأييد مرشح للانخفاض أكثر، وذلك مشروط بحسن إدارة قيادات الحراك الشعبي للمعركة مع السلطة وبطبيعة الشعارات والقضايا التي يحملها الحراك.
ومن الملفت للنظر أن أعلى نسبة رفض للحراك هي في بيروت بحسب القيد (29%)، بينما الأدنى هي في الجنوب (14%) والشمال (15%). وهذا الارتفاع في نسبة الرفض للحراك لدى أهل بيروت يترافق مع ارتفاع نسبة التأييد لخطة شهيب بنسبة 57% كما ذكرنا.
ويمكن الأخذ في الحسبان أن استمرار عملية جميع النفايات في بيروت بواسطة "سوكلين" جعل أهلها لا يشعرون بأنهم من الشرائح المجتمعية المتضررة مباشرة من أزمة النفايات فيما تجري معظم التحركات في بيروت، وهذا الأمر يشكل عنصرا لمصلحة ارتفاع نسبة الرفض للحراك الشعبي في العاصمة.
وبالنظر إلى مستوى الدخل الأسري، فإن الأسر متوسطة الدخل التي قد تظهر بعض التخوف من انهيار الأوضاع وفقدان الأمان المادي، لديها نسبة المعارضة الأعلى للحراك بواقع 34%، أما مستوى الرفض الأدنى والتأييد الأعلى فهو في الأسر الفقيرة بواقع 13% يعارضون الحراك بينما يؤيده 87%، لتصل نسبة التأييد إلى 78% لدى الفئات الأغنى.
ومن بين الذين لا يؤيدون الحراك، فإن 32% يعللون عدم تأييدهم للحراك لكونه لن يؤدي إلى نتيجة. ويأتي الخوف من الفوضى في المرتبة الثانية بواقع 23%، ثم لعدم الثقة بالحراك أو عدم الاقتناع به بواقع 18%. 14% يقولون أن عدم تأييدهم للحراك نابع من المشاغبات و11% بسبب اعتقادهم أن الحراك مسيس، فيما لدى 9% أسباب واعتبارات أخرى.
وفيما يقول 16% بأنهم شاركوا بأنشطة الحراك، فإن أدنى نسبة من الذين شاركوا بأنشطة الحراك هي عند أهل بيروت بواقع 3% فقط على الرغم من أن معظم التحركات والمظاهرات تجري في العاصمة. وتبلغ نسبة المشاركة الأعلى في الجنوب بواقع 20%، والشمال 19%.
شكوك حول فعالية طاولة الحوار
يؤيد 56% انعقاد طاولة الحوار كتعبير غير مباشر عن الأمل بإيجاد حل ما. لكن إذا ما قارنا هذا الرقم بنتائج الشهر الماضي نجد أن الرقم انخفض كثيراً حيث كانت نسبة تأييد انعقاد طاولة الحوار 73% عندما دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى انعقادها أي قبيل البدء بالجلسات، وهذا مؤشر إلى أن التفاؤل النسبي والميل إلى التوصل إلى حل ما، وإن كان عبر قوى السلطة نفسها، بدأ بالتراجع. ويؤكد ذلك قول 53% بأن طاولة الحوار لن تؤدي إلى نتيجة بشكل مرجح (14%) وبشكل مؤكد (39%). في المقابل، يؤكد 6% فقط أن طاولة الحوار سوف تؤدي إلى نتيجة بينما يرجح 29% ذلك.
ويؤكد 73% من اللبنانيين بأنهم لا يؤيدون أحداً من الأطراف السياسية. ويظهر أرشيف "شركة آراء للبحوث والاستشارات" أن نسبة الذين يقولون أنهم لا يؤيدون أو يناصرون أحداً من القوى السياسية كان 33% فقط في فترة الاستقطاب السياسي في العام 2006، ثم ارتفعت إلى 39% في العام 2007 ثم إلى 51% في العام 2008، لتعود وتنخفض قليلاً في العام 2009 إلى 44% في فترة التجييش للانتخابات النيابية. أما اليوم فتظهر الأرقام أن نسبة الذين لا يؤيدون أحداً من الأطراف السياسية مرتفعة جداً مما يفسر مصلحة أهل السلطة بتمديد ولاية مجلس النواب.
 14% من العينة ذكروا انهم غيروا خيارهم السياسي مؤخراً، وهي نسبة لا يستهان بها الأمر الذي يشير إلى أن الناس ليست ترى في ملف النفايات قمة لجبل الجليد الذي يحوي مختلف ملفات الفساد التي ينغمس فيها أهل السلطة فحسب، بل أنها قد بدأت تحاسب سياسييها بشكل فعلي. وهذا مؤشر إلى أن السياسيين المعارضين للحراك قد يتجهون إلى خسارة المزيد من رصيدهم السياسي.
وأخيراً، يظهر أن الجزء الأكبر من الناس يعتبر أن القضايا السياسية والأمنية ما زالت ترتدي أهمية كبرى. فبالإجابة عن سؤال للعينة لتحديد أولويتين من بين سبع أولويات، فإن 62% يعتبرون أن انتخاب رئيس للجمهورية من الأولويات، يأتي بعدها تحرير أسرى الجيش والقوى الأمنية بنسبة 40%، ومن ثم معالجة أزمة النفايات التي هي من الأولويات لدى 27% من اللبنانيين متبوعة بمحاربة الفساد بنسب 22%.
والملاحظ أن الانتخابات النيابية لا ترتدي أولوية كبيرة إلا بالنسبة ل19% من الناس يليها الكهرباء لدى 18% وأخيراً تعديل الرواتب لدى 5% من الناس. ولعل ما يرتديه موقع رئيس الجمهورية من رمزية هو الذي يسبغ غيابه بطابع الأولوية.
88 % مع استمرار التحرك بعد حل أزمة النفايات
يعرب 59% من مؤيدي الحراك الشعبي عن استعدادهم للمشاركة بمظاهرات جديدة في حال دعا الحراك لها سواء بشكل مؤكد (29%) أو مرجح (30%) وهي نسبة تعكس حماسة كبيرةً للمشاركة في التحركات، الأمر الذي يعكس بدوره أهمية الموضوع الذي يطرحه الحراك.
ومن بين الذين يقولون أنهم لن يشاركوا في مظاهرات جديدة، فإن الاعتبارات العائلية والصحية هي الحائل الأكثر ذكراً الذي يمنع مشاركتهم بواقع 28%، يتبعها وبفارق كبير الاعتقاد بأن الحراك لن يؤدي إلى نتيجة بواقع 11%. ثم عدم توفر الوقت أو كثرة الانشغالات (10%) ثم التخوف من المشاكل أو العنف بواقع 9%.
وتظهر دراسة شركة "آراء" وجود أسباب أخرى مثل عدم الثقة أو الاقتناع بالحراك (8%)، وعدم الرغبة بالمشاركة أو بأن الحراك لا يعنيه مع 8% أيضاً. وأخيراً يأتي بعد المسافة كون معظم التحركات مركزية في بيروت بواقع 3%، بينما ذكر 1% أسبابا أخرى.
وبرغم ما يتعرض له الحراك سياسيا واعلاميا، فإن 22% فقط يعتقدون أن الحراك يحصل بتخطيط خارجي. في المقابل، يؤكد 61% بأن الحراك يحصل بدوافع وبمبادرة المنظمين الذاتية. ويذكر 13% بأنهم لا يعرفون إذا ما كان يحصل بتخطيط خارجي أو ذاتي، ورفض 4% الإجابة على السؤال.
ومن الملاحظ أن نسبة الذين يعتقدون بأن الحراك يحصل بدوافع المنظمين الذاتية ترتفع مع ارتفاع مستوى التحصيل العلمي من 31% لدى الذين لم يدخلوا المدرسة، إلى 49% لدى الذين وصلوا إلى المرحلة الابتدائية، إلى 66% لدى الذين وصلوا إلى المرحلة الثانوية، و66% أيضاً لدى الجامعيين وما فوق.
ومن الملفت للانتباه أن 88% يقولون بوجوب استمرار الحراك لمحاسبة المسؤولين بينما يقول فقط 9% أن عليه أن يتوقف بعد حل أزمة النفايات، وهذا مؤشر إلى أن الشعب بات ميالا أكثر ليس فقط إلى الحلول بل إلى إجراءات جذرية تمنع الأزمات من التجدد.
أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة