|
|
فـي لبنـان: 500 ألـف عامـل أجنبـي لثـلاثـة مـلاييـن و750 ألفـاً هـم عـدد السكـان - زينب ياغي - السفير
- Sep 27, 2011
|
|
|
|
تنتشر في لبنان ظاهرة يمكن أن تسمى العمال «غير المرئيين»، أي العمال الذين لا يحملون إجازات عمل، ويعملون في الخدمات اليومية التي لم يعد أي لبناني تقريبا، يرتضي أن يعمل فيها.
هؤلاء لا يحملون صفات عمال البناء أو الزراعة أو المعامل أو حتى المؤسسات التجارية الكبرى، ولا حتى صفات نواطير المباني، وإنما تتراوح أماكن عملهم بين المنازل والمحلات التجارية والمطاعم والأفران الموجودة في الأحياء الفرعية. يعملون في أكثر من مجال في الوقت نفسه، فيقومون بالتنظيف، وتوضيب البضائع التي يوزعها باعة جوالون على المحلات، وينقلون الطلبيات إلى الزبائن المقيمين في المنازل المجاورة، أو إلى الموظفين العاملين في محلات ومؤسسات صغرى.
أما في القرى، فتختلف طبيعة عمل هؤلاء العمال جزئيا، إذ يقوم العديد من أصحاب المنازل بإستخدامهم لتنظيف قطعة أرض أو مساعدتهم في زراعات منزلية أو في عمليات تنظيف المنازل وجوارها.
وقد أصبح مشهد عامل سوري أو مصري أو سوداني أو هندي، منشغلا في حمل المواد الغذائية، والحلويات والعصائر والمياه، مرافقا للحركة اليومية. يقابله مشهد آخر هو رؤية أصحاب المحلات جالسين مع أصدقائهم أو زبائنهم شبه الدائمين، يتسامرون، تاركين أمر الإهتمام بمحلاتهم إلى العمال المذكورين.
يختار العمال أماكن محددة ومعروفة يتجمعون فيها، فتراهم في المدن، إما عند زاوية شارع رئيسي، أو تحت أحد الجسور، أو بالقرب من الأسواق التجارية. بينما يتجمعون في القرى الكبرى عند زاوية إحدى الساحات، أو عند مفترقات الطرق الرئيسية التي تصل مدن المناطق بالقرى المجاورة لها.
ويعمل عدد كبير منهم بأجر شهري أو أسبوعي، وخاصة في المحلات، بينما يعمل عدد آخر بشكل يومي، يتنافسون أحيانا في ما بينهم على تخفيض الأجر بضعة آلاف من الليرات من أجل إرضاء الزبون، وأحيانا أخرى يتفقون على سعر ثابت وموحد لا يتنازلون عنه، وخاصة في المواسم التي يعرفون أن الزبائن يحتاجونهم إليها، مثل فصل الخريف الحالي حيث موسم افتتاح المدارس، أو تنظيف الأراضي من بقايا المرزوعات الصيفية.
وتتراوح أجور العمال المياومين بين إثنين وعشرين ألفا وبين ثلاثين ألف ليرة، بينما تتفاوت أجرة العامل السوري المياوم تبعا لقرب المنطقة التي يعمل فيها من سوريا، فعند الحدود السورية تنخفض الأجرة إلى عشرين ألف ليرة، وفي باقي المناطق تتراوح بين خمسة وعشرين وبين ثلاثين ألف ليرة. وفي حال كان العامل بأجر شهري يتراوح أجره بين ثلاثمئة وبين أربعمئة ألف ليرة.
ولا توجد أي تقديرات حتى الآن إذا كانت هذه الظاهرة ناتجة عن الرغبات الكامنة لدى اللبنانيين في عدم العمل، حتى لو كانت مداخيلهم متدنية، أم أنها ناتجة عن انخفاض أجور العمال الآتين من بلاد فقيرة، أو هي نتيجة ارتفاع مستوى عيش اللبنانيين. لكن الثابت أنها لم تكن بمثل هذه الانتشار يوما في السابق.
كما أنه من غير المعروف إذا كانت عمليات الاستخدام الواسعة للعمال في المؤسسات التجارية تؤثر في نسب ارتفاع الأسعار، لأنه من المعروف أن التاجر في لبنان لا يخسر قرشا من جيبه، إنما هو، على العكس، يستبق مجرد الحديث عن ارتفاع سعر سلعة ما، كي برفعه قبل الأوان، ويضمن أرباحه الثابتة.
وبالطبع، ليست هناك تقديرات إحصائية لحجم هذه القوة العاملة في حياة اللبنانيين، فيما تقدم الإحصاءات الصادرة عن وزارة العمل وقطاع البناء والجمعيات الأهلية المعنية بالعمال الأجانب، فكرة واضحة عن العدد الباقي من دون أي تقدير رسمي.
تشكل أرقام وزارة العمل نقطة في بحر العمالة المتنوعة، لأنه لا يتم إحصاء سوى حملة إجازات العمل، وبحسب أرقام العام 2010 (لم تستكمل إحصاءات العام 2011) يوجد في لبنان 159764 عاملا أجنبيا، بينهم 123573 عاملة و 2816 عاملا في خدمة المنازل، و11717 عامل تنظيفات ، ويقدر أن معظم هؤلاء يعملون في شركة «سوكلين»، بالإضافة إلى 7319 حمالا و6392 عاملا زراعيا.
يستثنى من هذه الإحصاءات العمال السوريون، بوصفهم لا يحملون إجازات عمل، إذ تبلغ نسبة حاملي الإجازات من بينهم 904 عمّال فقط. كما يستثنى العراقيون، بوصفهم يحملون صفة لاجئين.
أما جنسيات العمال فهي، بحسب أعدادهم: أثيوبيا بالدرجة الأولى، فسريلانكا، فالفيليبين، فمصر، فالنيبال، فالهند، فبنغلادش، ثم السودان، فمدغشقر، فأريتريا، فالعراق، فشاطئ العاج، فباكستان، فتوغوليا، فالكاميرون، وعدد قليل من جنسيات أخرى.
واستنادا إلى تقديرات قدمها المحامي رولان طوق المتخصص بقوانين الأجانب، في ندوة متخصصة عن عاملات المنازل في أيار الماضي، يوجد في لبنان فعليا ما يقارب مئتين وخمسين ألف عاملة منزل أجنبية، أي تقريبا ضعف الرقم الموجود لدى وزارة العمل، بسبب وجود عدد كبير من العاملات اللواتي دخلن إلى لبنان وبقين فيه من دون تجديد إجازات عملهن، وهن يعملن، إما بأجر يومي أو على الساعة.
وفي حين يجري تناقل رقم مفاده وجود ما يقارب ثلاثمئة ألف عامل سوري في لبنان، يقدر رئيس جمعية المزارعين أنطون الحويك وجود ما يقارب خمسة وعشرين ألف عامل سوري في الزراعة، يشكلون ما نسبته تسعين في المئة من العمال الزراعيين في لبنان، فيما البقية هم من العمال المصريين والعراقيين والهنود. في المقابل، يقدر رئيس جمعية تجار الأبنية إيلي صوما وجود ما يقارب أربع عشرة ألف عامل سوري في قطاع البناء، موضحا أن عددهم كان أكبر بكثير في الفترة التي تلت الحرب وشهدت طفرة إعمارية.
واستنادا إلى دائرة الإحصاء المركزي، يقارب عدد سكان لبنان حاليا ثلاثة ملايين وسبعمئة وخمسين ألف نسمة. يقابله عدد العمال التقديري وهو نحو خمسمئة ألف عامل: لقد دخلت العمالة إذا إلى كل منزل.
لماذا هذه الفوضى ومن ينظمها؟: لا جواب.
|
|
|
|
|
|
يوجد حاليا
|
|
|