82 % مرغمات على العمل الجبري عاملات: استغلال جنسي وعنف - جريدة السفير - سعدى علوه

 - Jan 15, 2014



 «لم تضربني المدام أبدا، ولكن مستر كان يتحرش بي، يطلب مني أن أدلك جسمه، ويمدّ يده إلى صدري ويضمني ويحف عضوه بجسدي.. ويهددني بالقتل إذا أخبرت المدام.. كان رجلاً أصلع وضخماً»، هكذا شهدت نيتا النيبالية. 
أما روتنا، البنغلادشية، فلم تغادر منزل صاحب عملها إلا لأنها لم تعد قادرة «على الأكل من النفايات، كانوا يضربونني كثيراً ولكنهم لو أعطوني طعاماً لما تركتهم، برغم الضرب». 
شكلت هاتان الشهادتان جزءاً مما وثقته دراسة «منظمة كفى» بالتعاون مع «المفكرة القانونية» لبعض الانتهاكات التي تمارس بحق العاملات في المنازل في لبنان، في إطار مطابقة مؤشرات الاتجار بالأشخاص والعمل الجبري على مجمل عملية استقدامهن من بلد الأصل إلى بلد الاستقبال. 
وحمل المؤتمر الذي نظمته «كفى عنفاً واستغلالاً» بعنوان «حماية عاملات المنازل المهاجرات إلى لبنان»، أمس، تبايناً واضحاً بين واقع العاملات وطموح المجتمع المدني من جهة، وسياسة وزارة العمل والاجراءات الرسمية المتبعة من جهة ثانية. 
ففي حين أكدت نتائج دراسة أجرتها «كفى» بالتعاون مع «المفكرة» تطابق مؤشرات الاتجار بالأشخاص والعمل الجبري على عملية استقدام عاملات المنازل وظروف عملهن في لبنان، كان وزير العمل سليم جريصاتي يرسم صورة «وردية» لما أنجز حتى اليوم وما هو بصدد الإنجاز في الموضوع نفسه. 
ولم يكمن التناقض في تصوير الواقع فقط، بل برز في رؤية الطرفين لحل المشكلة. وبينما تطمح منظمات المجتمع المدني إلى ضم العاملات المهاجرات إلى قانون العمل اللبناني، يرى وزير العمل أن مشروع القانون الخاص بهن صار في أدراج الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وبالتالي انعدام فرصة إخضاعهن لقانون العمل. ويشكل إحياء دور المؤسسة الوطنية للاستخدام وإمساكها بعملية استقدام العاملات برمتها أحد طموحات المجتمع المدني، فيما وصف جريصاتي المؤسسة بـ«الجيفة»، وأكد أنها عاجزة عن أداء هذا الدور، وبالتالي الإبقاء على سلطة أصحاب مكاتب الاستقدام. 
وإذ كشف وزير العمل عن اتفاق مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم على منح العاملات في المنازل فرصة تغيير صاحب العمل بعد إيفائهن بعقد العمل، طرحت أسئلة عن الآليات المتبعة لتعريف العاملات بهذا الحق في الوقت الذي يعانين من حجز حريتهن ومنعهن من التواصل مع العالم الخارجي. 
ويأتي المؤتمر في إطار التعاون بين «كفى» مع «الجمعية الدولية لمكافحة الرق»، و«الاتحاد العام للنقابات العمالية النيبالية»، في إطار مشروع أوسع حول مسار هجرة عاملات المنازل واستقدامهن من النيبال تحديداً إلى لبنان. 
وشرحت مديرة «كفى» زويا روحانا أهمية المشروع الذي «يهدف إلى تمكين عاملات المنازل من النيبال من خلال تدريبهن ودعمهن لتنظيم أنفسهن». ولفتت إلى «الاستمرار في المطالبة بتغيير السياسات والقوانين في لبنان». 
وشكلت الدراسة التي أطلقت «كفى» و«المفكرة» بعض نتائجها الأولية أمس «عملية استقدام العاملات المهاجرات من نيبال وبنغلادش إلى لبنان»، مادة موثقة في شأن العملية برمتها، وتحديداً عن تطابق مؤشرات الاتجار بالأشخاص والعمل القسري على ممارسة هجرة العاملات وظروف عملهن في لبنان. 
وكشفت الدراسة أنه يتم استغلال هشاشة وضع العاملة في نيبال وبنغلادش من قبل الوسطاء ومكاتب الاستقدام في بلدي الأصل، حيث تغدق الوعود الكاذبة عليها، وتدفع نحو ألف دولار ككلفة وسطية للحصول على فرصة العمل، وهو ما لا يعرفه صاحب العمل اللبناني. 
ويخدع الوسطاء ومكاتب الاستقدام العاملات في طبيعة العمل وظروفه أيضاً. ووعدهن الوسطاء بساعات عمل محدودة وبعطلة أسبوعية وبراتب يراوح بين 150 و300 دولار في الشهر، وبرعاية صحية وبغرفة خاصة وبمعاملة جيدة وبالقدرة على تغيير صاحب العمل في حال مصادفتهن مشاكل. ووقعت 60 في المئة فقط من العاملات عقد عمل في بلاد الأصل بينما لم تفهم 60 في المئة ممن وقعن عقد عمل ماهية هذا العقد وماذا يتضمن. 
أما في لبنان فتشير ظروف العمل إلى معاناة غالبية العاملات من إقفال الباب عليهن، وحجز أوراقهن الثبوتية، ومعاملتهن بطريقة مهينة لا تمت بصلة إلى كرامة الإنسان وحقوقه، وعدم الإعتراف بهن كبشر لديهن حقوق وحاجات. 
ووجدت 82 في المئة من العاملات أنفسهن مرغمات على العمل الجبري. وعملت 62 في المئة منهن لفترة تراوح ما بين 16 ساعة و20 ساعة في اليوم. ولم يكن قادرات على الاستراحة ساعة يشأن. ولم تقل نسبة اللواتي عملن لأكثر من 17 ساعة عن 53 في المئة. وصودرت رواتب 54 في المئة منهن لشهر أو أكثر، ومنعت 90 في المئة منهن من الخروج بمفردهن، وتحجب العطلة الإسبوعية عن 91 في المئة من بينهن، ويقفل الباب على أكثر من 50 في المئة من بينهن، 
ونامت 62 في المئة من العاملات إما في المطبخ (19 في المئة) أو غرفة الجلوس (22 في المئة) أو على شرفة المنزل (7 في المئة)، فيما تشاركت 11 في المئة الغرفة مع آخرين (أطفال أو مسنين). وأفادت عاملات أنهن كن ينمن بالقرب من الحمام وفي غرفة الغسيل وفي غرفة المؤنة. ولم تنل 32 في المئة من العاملات الطعام الكافي، فيما أفادت عاملة أنها كانت تأكل طعام الكلب لأن أصحاب العمل ضنوا عليها بما يكفيها من طعام. 
ووثقت الدراسة تعرض 10 في المئة من العاملات للعنف الجنسي عبر المداعبة والملامسة وصولاً إلى الاغتصاب. وقالت إحدى العاملات إنها كانت تتعرض للضرب من صاحب العمل لإرغامها على ممارسة الجنس معه، وأفادت أخرى أن صاحبة العمل حاولت أن تدخل عصا في فرجها، وأكدت عاملة ثالثة أنها كانت ترغم على الاستحمام مع صاحب العمل. 
وكان التمييز في المعاملة بين العاملات النبغلادشيات وأولئك النيباليات واضحاً، إذ أفادت 58 في المئة من العاملات البنغلادشيات أنهن تعرضن للعنف الجسدي من جانب أصحاب العمل أو من أقارب صاحب العمل أو من مكتب الاستقدام في لبنان. 
في المقابل، أفادت 14 في المئة من العاملات النيباليات تعرضهن للعنف الجسدي. 
حتى أن بعض العاملات ضربن إذا تأخرن بالاستيقاظ من النوم، أو تحدثن على الهاتف أو شكين من المرض. كل ذلك ولم تكن العاملات قادرات على تغيير ظروفهن حيث أكدت 82 في المئة منهن على أنهن شعرن أنهن مرغمات على العمل وعاجزات عن تغيير ظروفهن. وحتى عندما لجأن إلى مكاتب الإستقدام تمّ انتهاك حقوق بعضهن وممارسة شتى أنواع العنف تجاهن فيما أرغم بعضهن على العودة إلى صاحب العمل. 
وبينت المحامية موهانا إسحق أن ما يعرف بـ«نظام الكفيل» المطبق حالياً في لبنان غير موجود في أي نص قانوني، مشيرة إلى سريان جملة من الأعراف والعادات في الممارسة. 
وأكدت إسحق، بناء على دراسات موثقة أنه ينتج عن هذه العلاقة «اختلال التوازن بين فريقي العقد، وفسح المجال لمعظم الانتهاكات بحق العاملة وممارسة شتى أنواع العنف عليها وصولاً إلى التحرش الجنسي والاغتصاب». 
وينتج عن تطبيق نظام الكفيل أيضاً صعوبة الوصول إلى القضاء. 
وتضمن المؤتمر عرضا للتجربة البريطانية وعرضا لمقرر الأمم المتحدة الخاص بشؤون المهاجرين ومداخلات تتمحور حول الحد من هشاشة وضع العاملات المهاجرات.
أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة