واستمرار الحركة المصرفية بشكل شبه طبيعي بما يتعلّق بالمحظيين والمستفيدين، يعني أن رياض سلامة ليس وحيدًا في مجال المسؤولية. فالمصارف والطبقة السياسية مسؤولان أيضًا. والمسؤولية المشتركة خلقت في الأمس القريب توترات بين سلامة وجمعية المصارف. إذ يحاول كل طرف رمي التهمة على الآخر، وتلميع صورته أمام الناس والمجتمع الدولي.
ومن هنا تعود المصارف إلى الواجهة بفعل تسهيلها التحويل حتى بعد العام 2019، وتحديدًا خلال العام 2020، حين سهّلت تحويل الأموال نحو سويسرا "أكثر من أي وقت مضى"، وفق ما أكّده موقع "في نيوز" Finews السويسري، الذي ارتكز إلى بيانات المصرف المركزي السويسري، التي أظهرت أن "العملاء اللبنانيين جمعوا أموالًا في سويسرا أكثر من أي وقت مضى".
ارتفاع معدّل التحويلات أتى في سياق "هروب رؤوس الأموال إلى سويسرا". وهذا الهروب رَفَعَ قيمة الأموال الموجودة في المصارف السويسرية "بنحو 2.5 مليار فرنك سويسري، أي 2.7 مليار دولار. ليصبح مجموع الأموال المودعة في سويسرا 6.46 مليار فرنك".
لا تجميد للأموال
يعلم اللبنانيون، بالأدلة والحدس، أن جزءًا ليس بقليل من الأموال المحوَّلة إلى سويسرا وغيرها، ضمن مختلف المراحل الزمنية، آتية من مصادر غير مشروعة، مهما غُسِلَت أو اختبأت خلف مشاريع قانونية. لكن القضاء السويسري لم يعلن حتى اللحظة عن امتلاكه مستندات تؤكد الشبهات. لذلك لم يقدم على حجز أي أموال، بما فيها أموال سلامة. ومن المرجّح أن لا يقوم بتلك الخطوة في المستقبل القريب. فالحكومة السويسرية قالت في وقت سابق إن قضية لبنان "لا تستوفي حتى الآن متطلبات تجميد الأموال".
وحدها أموال صغار المودعين مجمَّدة في المصارف اللبنانية. وفك تجميدها دونه عقبات ومراحل وشروط مجحفة غير قانونية، تَنفَذ من فتحاتٍ يخلقها مصرف لبنان لتنفيس الاحتقان وتقليل الضغط على المصارف، فيما أموال "الكبار" تسلك طريقها للخارج بسهولة، والخارج ليس من أولوياته مساعدة اللبنانيين، بل أفضل ما يفعله -بنظره– اتخاذ إجراءات روتينية، تعتمد على توفّر المعطيات الحسيّة من دون خدش حياء السياسة الدولية التي يحددها لاعبون كبار، لا يتصادمون مع المنظومة الحاكمة في لبنان، ولا يخنقوها تمامًا. بل يسمحون لها بتنشّق جرعات من الهواء، لإبقائها حيّة. وهذا ما يفسّر تقديم الغطاء لرياض سلامة والمصارف.