آن أوان تشريعات اقتصاد يواجه كوارث وأزمات ويحيي المبادرة ويمنع الاحتكارات - جريدة اللواء - ذوالفقار قبيسي

 

 - Aug 12, 2020



 التطورات المتسارعة على الجبهة الاقتصادية، من الأزمة المصرفية والكورونا الوبائية الى الأزمة المعيشية، الى كارثة تفجير مرفأ بيروت وأضرارها بمليارات الدولارات... باتت تستدعي المزيد من تدخّل الدولة بتشريعات اقتصادية تأخذ بالاعتبار التداعيات المفاجئة لهذه التطوّرات، بدلا من التمسّك بالتفسيرات المضللة للفقرة (هاء) من مقدمة الدستور من «مجتهدي» أصحاب الاحتكارات ومقتنصي غنائم اقتصاد المصائب والأزمات. حيث هذه الفقرة (هاء) - التي بلغت في الثقافة الاقتصاية للبنانيين درجة القداسة - لا تكتفي بعبارة «نظام اقتصادي حر» كما يدّعي أصحاب الاحتكارات وإنما تضيف إليها شرطا بأن يكفل هذا الاقتصاد المبادرة الفردية. وهي المبادرة التي تمنعها الأرباح والعائدات الفاحشة التي تحققت في لبنان من تحت عباءة «الاقتصاد الحر» ومعها  الضرائب والرسوم التي تتقاضاها الدولة، والتي تفرغ جيوب وميزانيات اللبنانيين وتضعهم تحت ضغوطات الديون والالتزامات بما لا يبقي لديهم «أي قرش» لأي «مبادرة فردية».

وهذا بدل أن يؤدي «الاقتصاد الحر» في الفقرة (هاء) من مقدمة الدستور الى تعزيز هذه المبادرة و«كفالتها» - كما في تتمة النص في الفقرة - والتي يترتب على إفشالها وتعطيلها حرمان غالبية اللبنانيين منها، لا سيما أجيالهم الجديدة التي تعتبر «المبادرة الفردية» بالنسبة لها الضمانة الوحيدة لما يعرف بـ الـ «starts-up» في أي مشروع  انتاج أو ابتكار يصد طريقه اقتصاد الاحتكار.
أميركا الاقتصاد الحر أقل حرصاً من لبنان على «حرية الاقتصاد»!!
 
وأصحاب الاحتكارات الذين يتجاهلون عبارة «كفالة المبادرة الفردية» من مقدمة الدستور، المستمرون في رفع «راية الاقتصاد الحر» في وجه الدولة، وبرغم كل الأزمات والكوارث، يطمسون من «المفكرة والذاكرة» ان الولايات المتحدة التي توصف بانها «قلعة الاقتصاد الحر» في العالم وضعت  وقبل ١٣٠ عاما (!) حواجز عالية في وجه هذه «الحرية» الاقتصادية في قوانين ما زالت مطبقة منذ العام ١٨٩٠ ضد الاحتكارات والكارتيلات والتروستات والاندماجات المصطنعة الهادفة الى التحكم بالأسعار والتضييق على الفرص ومحاصرة المبادرة الفردية التي اعتبر دستور لبنان كفالتها شرطا موجبا على «اقتصاد حر» لكنه لا سائب ولا طليق ولا سالب كما يريده ويصرّ عليه أصحاب الاحتكارات ومقتنصو فرص الكوارث والأزمات.
وفيما يلي أهم القوانين الأميركية التي تضع حدا لـ «الاجتهادات» المغالية في الدفاع عن «الاقتصاد الحر» والتي فرضت بموجبها الولايات المتحدة عقوبات بمليارات الدولارات على شركات مثل «جنرال الكتريك» و«وستنكهاوس» و«مايكروسوفت» واتهامات ضد «أمازون» و«فايسبوك» و«آبل» وسواها في مختلف قطاعات الاقتصاد الأميركي الذي تحد من حريته «غير المقدسة» القوانين التالية:
قانون مكافحة الاحتكارات ١٨٩٠ Sherman Act و١٩١٤ وFederal Trading Commission و١٩٣٦ وRobinson-Patman Act ١٩٣٦ وAnti- Chain-Store Legislation & Miller Trading Acts ١٩٣٧ و١٩٥٠ Cellar-Kefauver Act. وكلها وسواها تمنع الاحتكارات وتبديد الموارد المالية الشعبية والعامة  واقصاء المبادرات الفردية التي نص عليها دستور لبنان كشرط موجب للاقتصاد الحر، والتي أدّت في أميركا الى سجن مسؤولين في كبار الشركات، وعكس ما هو الحال عليه الاقتصاد الحر «أحد أقداس» لبنان!!

 

أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة