|
|
لماذا تم الإفراج عن بعض المتاجرين بالبشر؟
الأطفال في الشوارع: استنفار رسمي لم يترجم أمنياً وقضائياً -سعدى علوه - السفير
- Apr 05, 2012
|
|
|
|
كشف الاجتماع الذي عقده وزراء الداخلية والعدل والشؤون الاجتماعية أمس للإعلان عن «المرحلة الثانية من خطة القضاء على ظاهرة الأطفال في الشوارع»، عن خلل جوهري في التعاطي الأمني والقضائي مع القضية، والاجتماعي أيضاً.
وبينت المعطيات التي أعلنها وزير الداخلية مروان شربل أنه تم «توقيف» 61 طفلاً متسولاً و78 راشداً - تاجراً ممن «يأتون بالأطفال ويوزعونهم صباحاً ويجمعونهم مساء». وقال شربل: «اعتبرنا أن الموقوفين تعهدوا بعدم القيام بذلك مرة ثانية، ولكن عادت الظاهرة لا كما كانت سابقاً إنما بدرجة أقل منها».
إذاً، نحن أمام جهات أمنية وقضائية قبضت على 78 «تاجراً» بالأطفال، (من أقارب وغرباء) وفق تعريف قانون الاتجار بالبشر، وأفرجت عنهم بعد توقيعهم تعهداً بعدم تكرار فعلهم!
وبذلك استنتج وزير الداخلية، بعد ثلاثة أشهر على إطلاق الخطة، أن «العملية كانت تحتاج إلى متابعة ومثابرة على العمل»، مشيراً إلى أن «القضاء سيكون أكثر صرامة». وإذ أكد وزير العدل شكيب قرطباوي أن «النيابة العامة ستكون أكثر تشدداً»، أشار وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابوفاعور إلى «إخفاقات»، من بينها «عدم وجود عقوبات تردع المشغلين - التجار»!!
لكن، لماذا لم تكن النيابة العامة متشددة منذ البداية، خصوصاً أن قرطباوي نفسه أعلن، في الاجتماع الثاني للوزراء الثلاثة في 2 شباط الماضي، وبناء على تجربة شهر ونصف الشهر من إطلاق الخطة، عن «تعاط قضائي مختلف في ملفات الطفولة والأحداث»، ليعود أمس ويعد مجدداً بـ«التشدد».
تُعاقب المادة 586 من قانون الاتجار بالبشر، كل من يرغم شخصاً على التسول والدعارة والاستغلال الجنسي.. ويُعتبر اتجاراً بالبشر «كل من يجتذب شخصاً أو ينقله أو يستقبله.. لغرض الاستغلال بالنسبة إلى من هم دون الثامنة عشرة عاماً». عليه، تسأل وزارة العدل ومعها الداخلية، المشتركتان في الإفراج عن العدد الأكبر من الموقوفين - تجار الأطفال، عن سبب عدم تطبيق قانون الاتجار بالبشر الذي تبدأ عقوباته في حدها الأدنى من «الاعتقال خمس سنوات وبالغرامة من مئة وخمسين ضعفاً إلى ثلاثمئة ضعف الحد الأدنى الرسمي للأجور». وكيف أشار بعض المتابعين الرسميين للملف، إلى «عدم وجود نص قانوني يسمح بتوقيف المتورطين لفترة طويلة»، وفق ما علمته «السفير» من مصادر موثوقة. فهل أقر مجلس النواب قانون الاتجار بالبشر في آب الماضي ليبقى حبراً على ورق، خصوصاً أن كلام الوزير شربل عن تراجع الظاهرة يحتاج إلى «مراجعة ميدانية»، كون الأطفال المتسولين منهم والمتسترين ببيع بعض السلع الخفيفة، أي التسول المقنّع، يملأون الشوارع وذلك موثق بالصور من كل مكان، وعلى بعد مترين أو ثلاثة من رجال الشرطة والأمن.
وبيّن الاستنفار الرسمي على الصعيدين الأمني والقضائي الذي تمثل بحضور وزيري الداخلية والعدل والمديرين العامين للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، والمدعي العام التمييزي سعيد ميرزا، غلبة المعالجة ذات الطابع الأمني على الموضوع، وإن حضر وزير الشؤون الاجتماعية من دون المجلس الأعلى للطفولة (يرأسه فخرياً)، متحدثاً عن ضرورة «تغليب الطابع الاجتماعي والحقوقي للقضية».
عليه، تحدث وزير الداخلية عن «توقيف» 61 طفلاً متسولاً، واعداً بـ«المثابرة وفق إمكاناتنا، للقضاء على الظاهرة المؤذية للبنان، البلد السياحي، بخاصة أننا على أبواب موسم الصيف».
وتعهد شربل بأن «الأجهزة الأمنية ستبدأ ملاحقة الموجودين في الشوارع، بدءاً من صباح اليوم»، وانه سيتم «التشدد مع المكررين»، أي التجار الذين سبق وقبض عليهم وأفرج عنهم.
وقال «لا رقم محدداً عن عدد الموقوفين بتهمة الاتجار بالأطفال والمفرج عنهم»، على الرغم من قول وزير الداخلية إنهم «تعهدوا بعدم التكرار، ولكن الظاهرة عادت».
في المقابل، تحدث ابو فاعور عن ظاهرة مزمنة «لم تلق الجهد الكافي للمعالجة»، مشدداً على أن «أحداً لم يكن يتوهم أن القضاء عليها سيكون بين ليلة وضحاها». وقيم المرحلة الأولى «بنصف نجاح ونصف إخفاق»، من دون أن يحدد أوجه النجاح ما دام الأطفال يملأون الشوارع، وما دام الإفراج عن الموقوفين الذين يتاجرون بهم قد حصل.
واعتبر أن أسباب «الإخفاق»، هي «عدم وجود عقوبات تردع المشغلين - التجار بالشكل الكافي!» مشيراً إلى انه مناقش جرت في شأن تشديد العقوبات.
ودعا إلى تركيز الجهد الاستخباري، أي العمل لإيجاد مشغلي الأطفال، على أمل ألا يُفرج عنهم مجدداً. ولفت إلى أهمية ضبط الحدود «مع استحالة ذلك نظراً إلى الوضع القائم هناك»، مشدداً على أن المعطيات بينت أن عدداً كبيراً من الأطفال هم من خارج لبنان ومن مكتومي القيد، مؤكداً عدم وجود أطفال فلسطينيين بينهم.
وحدد السبب الرابع لـ«الإخفاق» في ضعف تجهيز الجمعيات المؤهلة لاستقبال الأطفال الذين يتم انتشالهم من الشوارع، مؤكداً أنه أوصل اقتراحاً إلى مجلس الوزراء يقضي بـ«رفع موازنة هذه الجمعيات لتبقى قادرة ومؤهلة». ولم يفصّل أبو فاعور في وضع الجمعيات التي يجب التدقيق في المعايير التي تعتمدها في تعاملها مع الحالات الصعبة للأطفال، ولا قدم قراءة نقدية لأداء بعضها، خصوصاً أن تجــارب كثيــرة بينــت الخلل في المجال هذا. ولا يكــفي، وفق عاملــين في المجتمع المدني، أن «نبــرر تقصير الجمــعيات بتدني التكلفة التي تدفعها وزارة الشــؤون، والمستندة إلى تقــويم العام 1996، بل يجب البحث في المعايير وتقــويم الأداء، خصوصاً المراقبة، ومعها تحديد الدور والمسؤوليات ونوعية الخدمات المطــلوبة، لكي لا تتحــول مراكز العنــاية بالأطفــال إلى سجون مدنية ملطفة».
|
|
|
|
|
|
يوجد حاليا
|
|
|