|
|
طرق المشاركون باب التغيير الأساسي من دون التنكر لخصوصية المرأة
مسيرة «نَسوية» تطالب بدولة مدنية وقانون لبناني للأحوال الشخصية - سعدى علوه - السفير
- Mar 27, 2012
|
|
|
|
بدت مسيرة «تحقيق المساواة والمواطنة الكاملة للنساء» التي انطلقت من محلّة البربير أول من أمس، اقرب ما تكون إلى إحدى تظاهرات «إسقاط النظام الطائفي». خرج مواطنون، من النساء والرجال من مختلف الفئات العمرية، وإن طغى عنصر الشباب على المشاركين، ليطالبوا بـ«الدولة المدنية» التي تحترم المواطنة الكاملة للمرأة والرجل على السواء.
وقفزت بعض الشعارات المرفوعة عن «نَسوية» المطالب وحرفيتها، لتطرق باب التغيير الأساسي الذي تتفرع منه الحلول المنشودة. وعليه، بالإضافة إلى الدولة المدنية، تصدرت اللافتات التي تطالب بـ«إصلاح القانون الانتخابي واعتماد النظام النسبي»، و«استحداث قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية»، بما يؤكد الدور الطليعي للنساء في الحراك المدني الذي يشهده لبنان حالياً.
وأكدت المسيرة، التي دعت إليها أكثر من ثلاثين منظمة وجمعية مدنية وشبابية لبنانية وفلسطينية، أهمية دور المجتمع المدني في الدفاع عن حقوق النساء، و«تجذير علاقة المساواة بين الجنسين والمواطنة شرطاً أساسياً للديمقراطية والنهوض بحقوق الإنسان والحريات في لبنان»، كما تضمنت الدعوة.
وكان لرمزية الانطلاق من «البربير»، المحطة الرئيسية لاحتجاجات زمن الحراك المدني والنقابي «الذهبي» في السبعينيات، أن تمنح المسيرة «طعماً» مختلفاً في مرحلة نالت الانقسامات والمحسوبيات من الجسم النقابي والعمالي الجامع في لبنان.
وساهم تنوع المشاركين واختلاف فئاتهم العمرية في إضفاء طابع «التسلم والتسليم» بين الأجيال، على التحرك. فاستعاد بعض المشاركين مساهماتهم في حراك السبعينيات، وهم يروون للشابات والشبان محطات مهمة عبرت وساهمت في إحداث فارق أو تراكم ما، يتم البناء عليه اليوم. وعلى سبيل المثال لا الحصر، مشت مناضلات مخضرمات من «لجنة حقوق المرأة»، التي تأسست في سبعينيات القرن الماضي، إلى جانب ناشطات في المجموعة الشابة «نَسوية» التي ولدت حديثاً من رحم التغيُّرات الطارئة على وضع المرأة، من دون أن تلغي المقارنة المنظمات والجمعيات والأندية الناشطة بين «الزمنين».
وتوحد المشاركون والمشاركات تحت مطالب مدنية تعني الرجال والنساء، وأخرى نسائية تاريخية مثل «المساواة الكاملة»، و«إلغاء التمييز في قانون العقوبات»، وثالثة حديثة نسبياً مثل «قانون حماية النساء من العنف الأسري»، و«حماية امن النساء». وكرّس تنوع المطالب ووضعها في السياق عينه سعة مروحة الحراك النسائي في البلاد، كخطوة تؤسس لإطار نضالي موحد لا بد منه في وجه عوائق النظام السياسي والذكوري والطائفي الطاغي.
في المقابل، لم يصادر التصدي لقضية الدولة المدنية وقانون الانتخابات النسبي، «نَسوية» التحرك التي سلّم بها الرجال المشاركون، تاركين قيادة التحرك للنساء، ليتبنوا لون البنفسج ومناديله التي زيّنت أعناق ومعاصم الجميع، فيما اختار البعض، كالشاعر ادونيس، تحويلها منديلاً في جيب سترته. ومشى «ادونيس» من البربير إلى ساحة رياض الصلح، واعداً بـ«الكتابة» بنفسه عن مشاركته.
وأخذ بعض المشاركين على المسيرة «الإمعان في النسوية» في مطلبها الخاص بـ«إقرار الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية للاجئات الفلسطينيات في لبنان»، على أساس أن المطلب هنا يشمل اللاجئين إناثاً وذكوراً، وليس منطقياً أن يضيّق من يطالب بـ«الدولة المدنية» للجميع تطلعاته لينصف اللاجئات دون اللاجئين الفلسطينيين ككل.
وكان جميلاً أن تترك بعض النساء ممن يمثلن الأحزاب والتيارات السياسية «المتخاصمة» وفق تصنيف «الأقلية والأكثرية»، مواقعهن ويسرن يداً بيد وراء المطالب المحقة والجامعة التي تعني المرأة اللبنانية إلى أي فئة انتمت، كما تليت بيانات الدعم من منظمات نسائية وحقوقية عربية، بالإضافة إلى بيان تأييد من رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وفاء ميشال سليمان.
وهتف المشاركون مطالبين بـ«حق المرأة اللبنانية في منح الجنسية لأسرتها» و«تجريم العنف ضد النساء والفتيات»، و«إقرار الكوتا النسائية بنسبة 33% على الأقل في مواقع صنع القرار»، و«إصلاح القانون الانتخابي واعتماد النظام النسبي»، و«إقرار الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية للاجئات الفلسطينيات في لبنان»، و«حماية امن النساء وتعزيز دورهن في ترسيخ السلم الأهلي»، و«إلغاء التمييز ضد النساء في قانون العقوبات اللبناني»، و«المساواة بين الجنسين في قانون العمل والضمان الاجتماعي وحقوق الأمومة»، و«المساواة بين الجنسين في النظام الضريبي».
وترجمت الهتافات المطالب المرفوعة: «النساء تريد دولة مدنية.. المساواة في الجنسية والكوتا النسائية..»، وغيرها من الشعارات التي علت من البربير إلى ساحة رياض الصلح.
هناك، وتحديداً عند النقطة المواجهة لمجلس النواب من جهة، والسرايا الحكومية من جهة ثانية، وبالقرب من الحواجز الحديد التي حددت خط النهاية، انشد المشاركون «كلنا للوطن» مطالبين بـ«أن يكون هذا الوطن للكل». وأدخلت النساء تعديلاً جوهرياً في النشيد الوطني، وتحديداً في عبارة «منبت للرجال» واستبدالها بـ«منبت للأجيال»، نساء ورجالاً.
وتوقفت الدكتورة فهمية شرف الدين، في كلمة الهيئات النسائية والشبابية والمدنية، عند «السنوات العجاف التي تمر على النساء في لبنان، لا سيما عبر قانون الجنسية التمييزي الذي يحرم المرأة من حقها بمنح جنسيتها لأسرتها، وفي غياب القوانين التي تحميها من شتى انواع العنف». وبعدما عددت مواقع التمييز ضد المرأة، رأت أنه على الرغم من «نص الدستور على المساواة، وتغني الخطاب السياسي بالرسالة الحضارية للبنان، إلاّ أن المرأة اللبنانية «تبقى في أدنى السلم مقارنة بغيرها من نساء العالم». فالمرأة، وفق شرف الدين، «خارج الحكومة وخارج الحوار الوطني وصنع القرار، وخاضعة للظلم الاجتماعي الذي يحرمها من أولادها في لحظات النزاع الأسري، في ظل غياب قانون لبناني للأحوال الشخصية». وأكدت أن المجتمع المدني لن يقبل بعد اليوم أن تكون النساء «مواطنات من الدرجة الثانية، ونريد حقوقنا المنصوصة في الدستور كاملة غير منقوصة». وعددت الحقوق المطلوبة بـ«المساواة في شتى الحقول، وفي صنع القرار السياسي والإداري والاجتماعي، وقانون لـ«الكوتا» الانتخابية، وفي قانون يحمي النساء من أشكال العنف، وفي منح الجنسية، وفي قانون لبناني للأحوال الشخصية يعيد ترتيب أحوال الأسرة في بيئة صحية من الوئام والمشاركة».
وفي رسالتها الداعمة لـ«المسيرة»، التي قرأتها جمانة مرعي، رأت رئيسة «الهيئة الوطنية» وفاء ميشال سليمان أن «نيل مطالب المرأة في لبنان عملية نضالية بامتياز لما تكتنف هذه المسيرة من معوقات تصطدم احيانا كثيرة بالواقع السياسي». ورأت سليمان أنه لا يجوز بعد اليوم «منع الوالدة اللبنانية من اعطاء جنسيتها لأفراد عائلتها، وعدم حمايتها من العنف المنزلي الذي تتعرض له، وعدم رفع التمييز الذي يطالها في قانوني الضمان الاجتماعي والعمل، وعدم اقرار نظام انتخابي يكرس الكوتا الجندرية».
وتليت بيانات دعم من كل من «شبكة المرأة العربية في النقابات العمالية»، «شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية»، «شبكة النساء العربيات - عايشة» من نساء المغرب وتونس ومصر وسوريا والاردن وفلسطين، ومن «حركة التجدد الديموقراطي».
|
|
|
|
|
|
يوجد حاليا
|
|
|