باخرة الطاقة المجانية... راحلة أم باقية بموجب قروض وضرائب؟ - جريدة المدن - خضر حسان

 

 - Oct 15, 2018



 تستعد الباخرة التركية إسراء، الراسية في مرفأ الذوق، لاحتلال ساحات النقاش مع اقتراب موعد انتهاء مهلة الأشهر الثلاثة التي حُددت كفترة زمنية لانتفاع لبنان من ساعات التغذية الكهربائية المجانية التي تقدمها.

من المفترض أن تتوقف الباخرة عن العمل في 18 تشرين الأول الجاري، تمهيداً لرحيلها من لبنان، ما لم يُخرج مهندسوا مشروع البواخر أرنباً جديداً من قبعة مشاريعهم السحرية التي أثقلت مؤسسة الكهرباء وخزينة الدولة بأعباء مالية ولوجستية لا تُحصى. غير أن ابقاء الباخرة يضع على طاولة النقاش بعضاً من الأسئلة، تتعلق بالجهة المخولة اتخاذ قرار بقائها، مهلة البقاء، المناطق المستفيدة منها، والأهم هو كيفية تأمين الفيول لها.

بغياب حكومة أصيلة، لا يحق لحكومة تصريف الأعمال اتخاذ قرار بابقاء الباخرة، فذلك يتطلب تحضير شروط معينة لوجودها، وبحث الأمور القانونية الراعية لهذا المشروع، إذ لا يجوز اتخاذ قرار التمديد للباخرة بمجرد توقيع وزير الطاقة منفرداً، او بالشراكة مع وزير المال. ولا يمكن لمجلس النواب اتخاذ قرار مماثل. ما يعني انتفاء امكانية التمديد في الظروف الراهنة.

العقدة الثانية التي تحول دون التمديد للباخرة، وفي حال تجاوز عقدة الجهة المخوّلة اتخاذ قرار التمديد، هي كيفية تأمين الفيول اللازم لإنتاج الطاقة. فمن المعروف أن "مجانية" الباخرة لا تشمل الفيول الذي تقع مسؤولية تأمينه على عاتق الدولة اللبنانية التي بات عليها مواجهة أزمة ارتفاع أسعار الفيول عالمياً. وفي هذا السياق، أشار وزير الطاقة سيزار أبي خليل إلى أنه جرى التوقيع على مرسوم "يطلب سلفة خزينة في ظل ارتفاع أسعار النفط العالمية وارتفاع الطلب على الكهرباء". وهذه السلفة "تغطّي فرق أسعار النفط، إذ كان برميل النفط بحدود 40 دولاراً فتدرَّج ليصل إلى 80 دولاراً اليوم".

لكن المشكلة ليست في توقيع او إقرار القانون لفتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة لاعطاء سلفة تتجاوز مدتها السنة لتغطية عجز شراء الفيول للفترة المتبقية من العام 2018، وإنما في تأمين المال اللازم للتمويل دون تكبيد الخزينة المزيد من الأعباء والعجز. وهنا، تشير مصادر خبيرة في شؤون المالية العامة، لـ"المدن"، إلى أن "كل احتياطي الموازنة العامة للعام 2018 هو عبارة عن 844 ملياراً و739 مليون ليرة، لا تخصص للانفاق مباشرة وإنما بالنقل منها إلى مختلف أبواب الموازنة العائدة لمختلف إدارات الدولة. ومن المرجح أن لا تتوفر فيه اليوم الـ700 مليار ليرة المطلوبة لتأمين المحروقات، بعد انقضاء أكثر من تسعة أشهر من السنة ونقل ما تم نقله من هذا الاحتياطي خلال الأشهر الماضية. فمن أين ستتم تغطية الاعتماد المطلوب فتحه؟".

الإصرار على تأمين المال، يرجح لجوء الدولة إلى تغطيته بموارد جديدة، بمعنى اعتماد مصادر كالقروض او الضرائب. وهذا الاحتمال يعني زيادة الضغط على المواطنين وعلى المالية العامة، وزيادة عجز الموازنة العامة. وهو ما "اتجهت السلطة التشريعية والتزمت الدولة بالتخفيف منه نظرياً حين أخرجت عجز مؤسسة الكهرباء من الموازنة، تحسيناً لصورتها أمام المجتمع الدولي في مؤتمر سيدر. ومن غير المنطقي تغيير هذه الصورة في وقت لم يقبض لبنان بعد أي أموال نتيجة المؤتمر. كما أن المصارف التجارية اللبنانية غير متحمسة لشراء سندات خزينة إضافية لتمويل عملية شراء الفيول".

هذه الوقائع المادية تتكامل مع النتائج السلبية التي حققتها الباخرة، إذ لم تستطع تأمين ساعات التغذية المطلوبة حتى لمنطقة كسروان، بعد رفض رسوّها في منطقة الزهراني، من قبل حركة أمل التي كانت تعي قدرة الباخرة وحال شبكات التوزيع والنقل. وعلى رغم الوقائع، "هناك تخوّف من إصدار فتوى ما، قد تُحبك خيوطها في مطابخ القوى السياسية، لمصلحة بقاء الباخرة. ولا يهم مدى تطابق محتوى الفتوى مع النصوص القانونية، لأن الأصل لدى السلطة السياسية ليس القانون إنما تمرير الصفقات، فلو كانت الكلمة للقانون لما جاءت بواخر الطاقة وشركات مقدّمي الخدمات".

وهنا، تتوجه الأنظار إلى مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان التي تنطلق منها إشارة البداية- قانونياً- لأي مشروع يتعلق بالكهرباء. فهل يقر المجلس التمديد، وتوافق عليه كلّ من وزارتي الطاقة والمال، ويشرعنه مجلس النواب بالسكوت، خصوصاً أن بحث التمديد للباخرة سيجري في أصعب مرحلة سياسية واقتصادية تمر بها الدولة؟".

أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة