خبراء اقتصاديون يضعون نتائج «سادر» في ميزان التقييم: تحرّك العجلة الاستثمارية شرط حسن الاستعمال والإصلاح - جريدة الشرق - المحرر الاقتصادي

 - Apr 16, 2018



 أورد التقرير الأخير لمؤسسة «موديز» في شأن لبنان في ضوء مؤتمر «سادر» أن رزمة المساعدات التي خُصصت للبنان في المؤتمر، إيجابية كونها «تدعم استئناف الاستثمار العام، في موازاة تحفيز إقرار إصلاح ضريبي كشرط للإنفاق»، متوقعاً «تبنّياً أفضل للإصلاحات في هذه المرحلة».

في هذا السياق، أشار الخبير الاقتصادي والمالي غازي وزني إلى معادلة «إذا لم تُنجز الإصلاحات المطلوبة ستتوقف القروض» والتي خرج بها مؤتمر «سادر» الذي عُقد أخيراً في باريس، موضحاً أن «المراقبة ستكون مشددة من قِبل لجنة سيتم تأليفها من ممثلي الدول المانحة، وتحت إشراف دقيق من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اللذين سيكون لهما الدور الرقابي الأساسي في الموضوع»، مؤكداً أن «المعادلة واضحة: قروض أو تعهّدات في مقابل الإصلاحات».

وإذ لاحظ في حديث إلى «الشرق»، أن «القطاع الخاص كانت له الحصة الأساسية باعتبار أن له الدور الرئيسي في المشاريع الاستثمارية، وذلك عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لا سيما في مجالات الطاقة والمياه والنفايات، إضافة إلى تحرير قطاع الاتصالات كخطوة أولى نحو الخصخصة»، قال: إن مؤتمر «سادر» الذي أفضى إلى دعم لبنان بـ11 مليار دولار، يهدف أولاً إلى دعم الاستقرار الاقتصادي والمالي في لبنان، وثانياً إلى مساعدة لبنان في تحمّل عبء النزوح السوري. فالتعهّدات التي حصل عليها لبنان، مشروطة بمعادلة «وعود في مقابل إصلاحات» التي يفترض بلبنان تنفيذها.

وأوضح وزني أن الإصلاحات «هي أولاً على صعيد المالية العامة أي خفض العجز في الموازنة كما اقترح لبنان، 5 في المئة خلال السنوات الخمس المقبلة. وذلك بالتزامن مع إجراءات تخفض الإنفاق وتزيد من حجم الإيرادات، الأول عبر الإصلاحات في القطاع العام وترشيد الإنفاق من خلال وقف الدعم لكهرباء لبنان... وفي الوقت ذاته تعزيز الإيرادات من خلال تحسين الجباية وإجراءات ضريبية أخرى. إضافة إلى التزام لبنان بإصلاحات قطاعية لجهة قطاعات الكهرباء والمياه والاتصالات وغيرها، بالتزامن مع مكافحة الفساد وتطبيق الحوكمة السليمة».

خشية من سوء استعمال القروض

 وعما إذا كانت هناك من سلبيات للمؤتمر، قال وزني: إذا استُعملت القروض على نحو جيّد ستنعكس في المرحلة المقبلة إيجاباً على لبنان، أما في حال حصل العكس عندها سينتج عنها استدانات ومخاطر اقتصادية ومالية كبيرة جداً.

أضاف في هذا السياق: بشكل عام، تؤيّد غالبية القوى السياسية مؤتمر «سادر» كونه يهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل، وتخفيف العجز في المالية العامة، وفي الوقت ذاته زيادة التدفقات المالية بما يعني تحسين الاستقرار النقدي في لبنان.

 وتابع: إنما في المقابل، تخشى القوى السياسية تلك، من سوء استعمال القروض التي خصّصها مؤتمر «سادر» للبنان، أولاً كونها تتضمّن أرقاماً ضخمة وقد تكون إساءة استعمالها تؤدي في النهاية، إلى تبعات اقتصادية ومالية في غاية السلبية، ومنها تراكم الدين العام على نحو لا يعود لبنان قادراً على سداده. من هنا، تفضّل القوى السياسية في هذا الإطار، الأخذ في الاعتبار قدرة لبنان الاستيعابية السنوية للبرامج الاستثمارية، إذ بحسب صندوق النقد الدولي يستوعب لبنان سنوياً استثمارات بحجم مليار أو مليار و500 مليون دولار، وفي الوقت ذاته أن تكون الأولوية للمشاريع المنتجة والمجدية وتحسّن الوضع الاجتماعي والمعيشي، وليس لمشاريع تستند إلى المحاصصة والإفادة الشخصية أو المناطقية.

عجاقة: «سادر» يغذي الاقتصاد استثمارياً

أما الخبير الاقتصادي والاستراتيجي البروفسور جاسم عجاقة فتحدث بدوره لـ»الشرق» عن إيجابيات المؤتمر فقال: في النظرية الاقتصادية الدولية ليست لاعباً اقتصادياً، بل تتموّل من ضرائب تفرضها على النشاط الاقتصادي القائم على الشركات والأسَر. ومشكلة لبنان هو أن الدولة، وبسبب الهدر والفساد، أحجمت عن تحفيز الاقتصاد وزادت إنفاقها لدرجة أن الضرائب لم تعد تكفي لتغطية الإنفاق، فارتفع معدل الدين العام تراكمياً. وهنا أخذت الدولة بالاستدانة من المصارف اللبنانية مخالِفة بذلك قوانين الأسواق عبر منافستها القطاع الخاص على أموال المصارف وهذا الأمر أدّى إلى نقص حاد في القروض الاستثمارية المخصصة للقطاع الخاص.

وتابع: من هنا تأتي أهمية مؤتمر «سادر» بتغذية الاقتصاد بأموال للمشاريع الاستثمارية وبالتالي دفع العجلة الاقتصادية. بالمُطلق يُمكن تعداد إيجابيات «سادر» على النحو الآتي:

- أولاً: ضخّ أموال في الماكينة الاقتصادية ما يعني زيادة النمو الاقتصادي، فالمعروف في النظرية الاقتصادية أن لا نمو من دون استثمارات.

- ثانيًا: خلق فرص عمل في الشركات التي ستقوم بتنفيذ المشاريع وعلى رأسها شركات البناء، مكاتب المحاماة، مكاتب الهندسة، والقطاعات الداعمة (نقل، أكل وشرب، ترفيه...).

- ثالثًا: فرض قيود على الإدارة المالية والاقتصادية وعلى إدارة مؤسسات الدولة من ناحية فرض إصلاحات في عشرة قطاعات على رأسها الكهرباء، الجمارك، الاتصالات، محاربة الفساد، موازنة تقشّفية... وهذا الأمر سيوفّر الكثير من الهدر.

- رابعًا: تشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص وذلك خارج إطار «سادر» عبر مشاريع قد تطاول البنية الاقتصادية الصناعية، الزراعية، التكنولوجية، وغيرها.

- خامسًا: تحديث العديد من القوانين التي تُساعد على تحفيز النشاط الاقتصادي بشقّيه الاستهلاك والاستثمار، مثل التحفيز الضريبي، محاربة الفساد ...إلخ.

- سادسًا: دعم الليرة اللبنانية وذلك من خلال تدعيم ميزان المدفوعات حيث أن دخول العملة الصعبة إلى لبنان سيزيد من الطلب على الليرة اللبنانية ويخفّف من نسبة الضغط عليها.

سابعًا - وضع الأسّس لجعل لبنان منصّة لإعادة إعمار سوريا من خلال الطرقات وخطوط السكّك الحديدية المنوي إنشائها.

 وعن شروط إنجاح هذا المؤتمر والاستفادة من كل هذه الإيجابيات، قال: يجب معرفة أن القروض التي تمّ التعهدّ بها من قبل الدول المانحة هي قروض مشروطة وبالتالي هناك عدد من الشروط الواجب الالتزام بها للاستفادة من هذه القروض:

أولاً- التزام الحكومة اللبنانية بكل ما تعهدّت به في مؤتمر «سادر» وعلى رأسها الإصلاحات التي تطاول العشرة قطاعات والتي طالب بها صندوق النقد الدولي.

ثانياً- تقديم دراسة جدوى اقتصادية لكل مشروع تنوي الحكومة القيام به وتتمّ الموافقة أو رفض تمويل المشروع على أساس هذه الدراسة.

ثالثاً- تنفيذ المشروع بحسب الدراسة التي قُدّمت تحت طائلة وقف التمويل. وللتأكد من حسن التنفيذ، تمّ تشكيل لجنة تضمّ ممثلين عن العديد من الأطراف (الحكومة اللبنانية، صندوق النقد الدولي، فرنسا، السعودية...).

رابعًا- التزام الحكومة اللبنانية بمحاربة الفساد ومكافحة التهرّب الضريبي خصوصًا على المرفأ والمطار والحدود من خلال وضع خطّة إصلاحية للجمارك اللبنانية وتنفيذها.

خامسًا- التزام الحكومة خفض العجز في الموازنة من 10% (حاليًا) إلى 5%. وهذا الأمر يتطلّب وضع موازنة تقشّفية شدّد عليها صندوق النقد الدولي.

سادسًا- تدعيم أجهزة الرقابة وعلى رأسها القضاء من دون معرفة تفاصيل هذا التدعيم.

وعما إذا كان الإخلال في أحد هذه الشروط يؤدي إلى وقف القروض، قال عجاقة: إن الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ختام المؤتمر، يُظهر أن هناك أهمّية استراتيجية للبنان على صعد عدة منها موقعه الجغرافي، عدد النازحين السوريين على أرضه، الدور المنتظر له في إعادة إعمار سوريا... وهذه الأمور تُعطي لبنان والحكومة اللبنانية أسبابًا تخفيفية في حال تمّ الإخلال في أحد الشروط الموضوعة. إلا أنه يجب معرفة أن الحكومة اللبنانية لم تعد تتمتّع بهامش التحرك كما في مؤتمرات باريس 1، 2، و3 وبالتالي يجب عدم تجربة المجتمع الدولي على هذا الصعيد.

أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة