تفعيل مجالس العمل التحكيمية من أجل تكريس حقوق العمال - المرصد اللبناني - ندى غازي

 

 

 

 - Oct 18, 2017



 بتاريخ 23 أيلول 1946 أقر مجلس النواب قانون العمل وقد نصت المادة 77 منه التي عدلت بموجب المادة 2 بالمرسوم الإشتراعي رقم 3572 تاريخ 21/10/1980 على إنشاء مجلس عمل تحكيمي في مركز كل محافظة ينظر في دعاوى العمل، وينص القانون على أن تؤلف المحكمة من قاض من الدرجة الحادية عشرة وما فوق رئيساً، ويعين بمرسوم بناء على إقتراح وزير العدل وموافقة مجلس القضاء الأعلى ممثل عن أرباب العمل وممثل عن الاجراء (عضوين)، كما يعين أيضا عضوان ملازمان واحد عن أرباب العمل وآخر عن الاجراء ليقوم كل منهما مقام الممثل الأصيل عند غيابه أو تعذر حضوره وذلك بمرسوم بناء على إقتراح وزير العمل والشؤون الاجتماعية. كذلك يعين لدى المجلس مفوض حكومة يؤخذ من بين موظفي الفئة الثالثة في الإدارات العامة على أن يكون حائزاً على شهادة الإجازة في الحقوق. ما يميز هذه المجالس انها محاكم خاصة، تنظر في القضايا المرفوعة اليها بالطريقة المستعجلة، بقصد التسريع في البت في النزاعات منعا للمماطلة  في قضايا تمس العمال في موارد عيشهم. لكن لا يخفى على أحد تراكم الملفات في أقلام المحكمة لفترات طويلة، وإفتقار ممثلي العمال إلى الكفاءة وطريقة تعيينهم تخضع لإعتبارات سياسية وطائفية، في وقت يغيب الدور الفاعل لوزارة العمل ولمفوضي الحكومة وغيرها من المشاكل التي تعكس الواقع المزري لمجالس العمل تضع حقوق العمال في متاهة.  

 

ضعف آليات عمل مجالس العمل التحكيمية

أبرز ما يميز مجالس العمل التحكيمية انها تنظر في القضايا المرفوعة إليها بالطريقة المستعجلة، وقد أعطت المادة 50 من قانون العمل مجالس العمل التحكيمية مهلة ثلاثة أشهر للبت بالقضية المطروحة أمامها. لكن واقع الحال مخالف لما نص عليه القانون، نبدأ من الملفات المتراكمة في قلم المحكمة لفترات طويلة تصل لسنين، والسبب الأبرز  قلة عدد الغرف وتواجد القاضي يوم واحد فقط اسبوعياً، ما يساهم في إطالة امد الدعاوى وقلة الانتاجية لدى القضاة. وبالرغم من أن المحكمة تؤلف من قاض من الدرجة الحادية عشرة وما فوق رئيساً، وبعض القضاة في غرف مجالس العمل يتولون مهامهم من أكثر من 5 سنوات ويملكون خبرة جيدة، لكنهم يأتون من محاكم جزائية ومدنية يبقون بالتالي بحاجة الى معرفة أدق بقانون العمل. برأي النقابي عصام ريدان " قضايا العمل بحاجة الى قانون خاص بأصول المحاكمات لدى مجالس العمل التحكيمية بدلاً من إعتماد اصول المحاكمات المدنية التي تماطل في إصدار الأحكام"، وعن دور القضاة  في إحترام طابع العجلة لمجالس العمل يقول ريدان:"ليس هناك ما يمنع القاضي باعتماد آلية أسرع في حل النزاعات، من بينها تبادل اللوائح في قلم المحكمة بدلاً من تبادلها أمام قوس المحكمة قبل المثول أمام الهيئة العامة منعاً للمماطلة وحفاظا على طابع العجلة، لكن للاسف آلية يعتمدها قلة من القضاة". وخلافا لباقي المحاكم أعفى المشرع جميع الدعاوى التي تقدم أمام مجالس العمل التحكيمية من الرسوم القضائية ومن رسم الطابع لكنه ابقى النفقات القضائية على عاتق من عجلها فلا يكون له حق استعادتها الا في حال الربح في الدعوى]1[.

                                                                                 

 

المحسوبيات وعدم الكفاءة

تحجيم دور وزارة العمل ليس الخلل الوحيد، فالوساطة في وزارة العمل التي من شأنها تقريب وجهات النظر بين طرفي النزاع، تفتح الباب للسمسرة مع أصحاب العمل على حساب حقوق العامل، ما يؤكده الإطلاع على مطالعات بعض مفوضي الحكومة التي تظهر انحيازاً تاماً لصالح أصحاب العمل سبق وتناولها المرصد، مما خلق أزمة ثقة تجاه "قضاء العمل". الأمر ينسحب أيضاً على الاتحاد العمالي العام، فهو لا ينظم إنتخابات لتعيين ممثلي الاجراء وفقاً لمعايير محددة، بل تعيينهم يخضع لقواعد المحاصصة السياسية والطائفية، وعدد كبير منهم ينتقصون إلى الحد الأدنى من التدريب والمعرفة القانونية بشأن قوانين العمل والضمان الاجتماعي، لا ينطبق على معظمهم صفة عامل، واللافت أن المادة 78 من قانون العمل اقتصرت على ان يكون ممثل الاجراء لبنانياً، اتم الواحد والعشرون، غير محكوم بجناية أو جريمة شائنة وأن يكون قد مارس مهنته مدة خمس سنوات على الاقل دون أن تتطرق الى شرطي الكفاءة والخبرة. تسأل الرئيسة السابقة لغرفة التمييز في مجالس العمل التحكيمية القاضية ارليت جريصاتي " كيف لشخص غير مدرب أن يدافع عن حقوق العمال" مشيرةً إلى " ضرورة خضوع ممثلي الاجراء إلى دورات تدريبية لفترة لا تقل عن ثلاثة أشهر حول قانون العمل والاتفاقيات الدولية المتعلقة بهذا الخصوص".

 

من أجل مجالس عمل تحكيمية أكثر فعالية

سبق للمرصد اللبناني اللبناني لحقوق العمال والموظفين، أن عقد لقاء قانونيا ونقابيا تشاوريا حول قضية مجالس العمل التحكيمية بالتعاون مع المفكرة القانونية، حيث تم توصيف واقع الحال في عمل مجالس العمل التحكيمية وانتهى النقاش الى تسجيل الاقتراحات والملاحظات التالية:

-1  عمل المجالس وآلية إصدار الاحكام

- زيادة عدد القضاة وزيادة عدد الغرف في المحافظات بما يتناسب مع حجم الكثافة للعاملين فيها، مثلا يوجد في بيروت 5 غرف ، و في جبل لبنان ، مؤخرا أصبحوا 5 غرف مع انه الاكثر كثافة سكانية والاكبر مساحة جغرافيا وفيه تتركز أغلبية الشركات والمؤسسات والمصانع.

- أن لا يحصر إنشاء الغرف في مراكز المحافظات.

- تحسين وضع الغرف وتجهيزاتها التقنية والادارية.

- الزام القضاة بزيادة عدد الجلسات وتكثيف وتيرة العمل لانجاز القضايا المتراكمة.

- في آلية درس القضايا: ضرورة إعتماد المرحلة التوفيقية في بداية عرض كل دعوى امام مجلس العمل التحكيمي. وأن تكون ملزمة، أي العمل على اجراء مصالحات وتحديد سقف للدعاوي التي تخضع للمرحلة التوافقية (10 ألاف دولار مثلا). أما الدعاوى الكبرى فتذهب للتمييز.

- التنسيق المسبق بين القاضي ومفوض الحكومة لناحية تحضير الملفات وتحضير القرارات واتخاذ الاجراءات المسرعة للعمل.

- وضع آلية لتعميم الإجتهادات الصادرة عن مجالس العمل التحكيمية ومحاكم التمييز على الغرف كافة ونشرها عبر الانترنيت.

-2  دور وزارة العمل ومفوض الحكومة:

- إنشاء مكتب تحقيق في الوزارة تكون مهمته دراسة القضايا التي ترد وإجراء التحقيقات اللازمة السريعة بين الاطراف المتخاصمة وتوضيح الصورة قبل أن تحال إلى غرفة القاضي، واعتبار هذه الوساطة إلزامية ولا يجوز النظر بالدعوى أمام مجلس العمل إذا لم تمر بهذه الوساطة.

- إجراء دورات تدريب لاعضاء مكاتب التحقيق.

- تدريب مفوضي الحكومة على إجراء التحقيق والتدقيق بالقضايا الواردة وتحضيرها للعرض على المجلس.

 -3 دور النقابات:

- بعد توصيف واقع الغالبية العظمى لمندوبي العمال غير الكفوئين تبين أنه يجب إخضاعهم لدورات تدريبية وإشتراط إنجازهم لهذه الدورات كي يتم تعيينهم اعضاء في مجالس العمل التحكيمية.

- الطلب من النقابات إعتماد محامين على نفقتها لمساعدة العمال وأصحاب الدعاوى.

- إنشاء لجان أو مجموعات عمل في النقابات لمتابعة القضايا المعروضة على المجالس التحكيمية.

 

]1[: المادة 80 من قانون العمل: "ينظر المجلس التحكيمي في القضايا المرفوعة اليه بالطريقة المستعجلة . تعفى هذه القضايا من الرسوم القضائية دون النفقات فهذه تبقى على عاتق الفريق الخاسر".

أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة